المسبحة.. تُبَدِّدُ القلق

الصفحة الاخيرة 2024/07/23
...

 بغداد: محمد إسماعيل


لمحت ختياراً يجلس في جانب مضيء من مقهى شعبي في الفضل.. مساءً، تتدلى من كفه مسبحة ذات خرزات كبيرة نسبياً.. بالقياس الى قطر الخرزات المألوفة.. سألته عنها؟ فأجاب: هذه سبحة تستطيع تسميتها استعراضية؛ لأن خرزاتها صناعية.. ليست من حجر كريم، لكن المبالغة بحجمها ملفت للنظر.. لا قيمة لها إلا الجمال والأناقة والتنسيق، أضعها في درج مكتبي، أثناء العمل.. أنا أبو لؤي.. تاجر ليف أستورده من الهند وأورده الى بغداد ومحافظات العراق كافة، وعندما أتعب من العمل والحسابات والقطع والوزن، أجيء الى المقهى أرتاح ماسكاً المسبحة بالكف اليسرى وإستكان الشاي باليمنى، وأعود بدماغ مستريح لوجبة العمل المسائي.. بين الليف والميزان والبيع والشراء ومجادلات الزبائن التي لا تنتهي.. نتحملها لأنّها مصدر رزق عوائلنا، مودعاً السبحة في درج المكتب مرة أخرى، منوهاً: التسبيح بذكر الله، يسر النفس، مبدداً الطاقة السلبيّة، وهذا ما جعل الأجانب يطلقون على المسبحة "خرزات القلق" حسب ما عرفته من أسفاري المتواصلة بحكم عملي.. تاجراً.

عدت الى سوق الكرادة، فوجدت مسبحات توزعت.. بين محلات ذات واجهات زجاجية فخمة، تتقدمها بسطات فقيرة.. متهالكة، تتدلى من حبال مربوطة الى أربع عصي مثبتة عند زواياها، وعربات الدفع اليدوية ليست أغنى من فقر البسطة!

وقال أبو طلال العبيدي.. صاحب محل بيع سبح وأدوات أخرى متنوعة، لـ "الصباح": عرفت صناعة السبح منذ القدم باستخدام المخرطة والقوس والمثقاب والعذاب وغيرها، مؤكداً: تمر صناعة السبحة اليدويّة بعدة مراحل بدءًا من الخراطة القديمة، وتقطيع الخام وتسيب الأطراف والتخريم، وتشكيل الخرز، ثم الصنفرة والتلميع والشك بالخيط، ويستغرق العمل في السبحة الواحدة بين ساعة إلى (28) يومًا حسب نوعية الخامة والتصنيع.