لا يحتاج المرء إلى تقارير منظمات دوليَّة ليعرف الخطر الداهم الذي تمثله المخدرات على الأوطان والشعوب. لأنَّ خطراً كهذا يراه الإنسان عياناً على هيأة تفكّك أسريّ وجرائم قتل وسرقات وانتهاكات أخلاقيَّة لا حصر لها، كما يراه في تعطيل طاقات جيل الشباب وحبسهم في هذا القفص الجهنميّ ما يشكل إضعافاً للدولة وتهديداً لمستقبلها.
وأمس، في مؤتمر بغداد الثاني لمكافحة المخدرات، قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني جملة بليغة للغاية حين ساوى بين خطر هذه السموم واحتلال البلدان، فقال: "فعل المخدرات لا يختلف في نتائجهِ عن الحروب، والتهجير، ومحاولةِ قلعِ الشعوبِ من أسُسِها، بالضبطِ كما يهدُف العُدوانُ الجاري على غزّة وشعبنا الفلسطيني".
في بغداد وعلى عنوان مكافحة المخدرات اجتمع وزراء داخليَّة الدول المجاورة للعراق، لأنَّ للعراق جهداً كبيراً في التصدّي لتجّار الموت الذين يدورون ببضاعتهم القاتلة بين البلدان. دليل ذلك أنَّ الأمم المتحدة أعلنت أمس أنَّ العراق صادر في السنة الماضية أكثر من 24 مليون قرص كبتاغون يزيد وزنها على أربعة أطنان بقيمة تعلو على 84 مليون دولار. وهو ما يعدّ رقماً قياسياً في مكافحة المواد المخدرة.
هذه الأرقام تكشف عن أنَّ الأمر يتعلق بحرب طاحنة فعلاً، حرب لا هوادة فيها تُشنّ لاحتلال عقول شبابنا وشلّ إرادتهم، ومن خلالهم لاحتلال وطننا ومستقبله. ولم يكن رئيس الوزراء مبالغاً حين ساوى بين الحرب التي يشنّها الكيان ضدّ فلسطين وهذا السلاح الذي يراد له أن يفتك بنا دولة وشعباً ومقدرات.