نجاح الجبيلي
يعد المخرج الإيراني الشهير بهرام بيضائي (ولد عام 1938) من بين 487 عضوًا في مجتمع السينما العالمي الذين تمت دعوتهم من قبل أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (الأوسكار) للانضمام إلى صفوف عضوية الجهة المنظمة لجوائز الأوسكار. وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا) أن بيضائي، تلقى دعوة من فرعي المخرجين والكتاب في الأكاديمية.
بيضائي هو واحد من الأشخاص الثمانية الذين تمت دعوتهم من قبل أكثر من فرع بوصفه أيضاً كاتب سيناريو.
ومن بين الشخصيات البارزة الأخرى في قائمة هذا العام الممثلات: جيسيكا ألبا، وساندرا هولر، وجريتا لي، وليلي جلادستون، وكيت مارا، وكاترين أوهارا، بالإضافة إلى صانعي الأفلام: أليس ديوب، وسيلين سونج، وإس إس راجامولي، وبوتس رايلي، وإيما سيليجمان، وديفيد. ييتس من بين آخرين كثيرين.
وقال الرئيس التنفيذي للأكاديمية بيل كرامر والرئيسة جانيت يانغ في بيان مشترك: "يسعدنا أن نرحب بدفعة الأعضاء الجدد لهذا العام"، "لقد كان لهؤلاء الفنانين والمهنيين الموهوبين بشكل ملحوظ من جميع أنحاء العالم تأثير كبير في مجتمع صناعة الأفلام لدينا."
والجدير بالذكر أن بهرام بيضائي، 85 عامًا، هو من جيل صانعي الأفلام في "الموجة الإيرانية الجديدة"، وهي حركة سينمائية بدأت في أواخر الستينيات بإيران. ويتشارك مخرجو هذه" الموجة الجديدة" في العديد من التقنيات الشائعة بما في ذلك استخدام الحوار الشعري، والإشارات إلى الفن والثقافة الفارسية التقليدية، ورواية القصص المجازية التي غالبًا ما تتعامل مع القضايا السياسية والفلسفية. وقد ساعد بيضائي، المعروف بالفعل بعمله الرائد كمخرج مسرحي أيضاً، في تحفيز عصر جديد من السينما
الإيرانية.
ويعد فيلمه الطويل الأول "هطول أمطار" الذي تم إنتاجه عام 1972 أحد أنجح الأفلام الإيرانية على الإطلاق. ومن أفلامه الأخرى: "الغريب والضباب" (1974)، "الغراب" (1976)، "أغنية تارا" (1979)، "باشو الغريب الصغير" (1986)، "ربما مرة أخرى" (1988)، "المسافران" (1992)، "قتل الكلاب المجنونة" (2001)، و"عندما نكون جميعاً نائمين" (2009).
نُشرت مسرحياته وسيناريوهاته، بالإضافة إلى دراساته في مختلف المجالات، في أكثر من سبعين كتابًا. يحظى أسلوبه بالتقدير في الكتابة الخالصة واختيار الشخصيات والقصص الفارسية الأسطورية. وأدى بحثه عن تاريخ المسرح الإيراني إلى نشر "دراسة عن المسرح الإيراني" عام 1965. كما أنه أول باحث إيراني ينشر كتباً عن المسرح في اليابان والصين. وقد تُرجمت بعض مسرحياته إلى عدة لغات (منها اللغة العربية بعنوان "محكمة العدل في بلخ" وصدرت عن سلسلة ابداعات عالمية في الكويت) وعرضت في العديد من البلدان.
وتتأتى أهمية أفلام المخرج المخضرم بهرام بيضائي ليس من كونه يرصد الواقع الاجتماعي الإيراني وحسب، إنما يفلسفه أيضاً، وهذا ما جعل خطاب أفلامه إشكالياً، بل ومرفوضاً في ذلك الزمان، حيث حرب الثمانينيات العبثية التي أكلت الأخضر واليابس في بلدين جارين، وهذا ما جسده فيلمه "باشو ..الصغير الغريب"(1986) الذي يتحدث عن أسى الحروب، إذ يقتفي أثر طفل عربي أحوازي أسمر ينجو بأعجوبة من قصف طال منزله وقتل أسرته، فيهرب في شاحنة ويجد نفسه – وهو ابن الجنوب- في أقصى شمال إيران يختفي في مزرعة امرأة لديها طفلان تجاهد من أجل إدامتها، تجده المرأة التي لا تعرف لغته، وتقرر حمايته، تثور القرية ضدها فهو عربي وأسمر، لكنها تتشبث به وتدافع عنه باعتباره طفلاً إنساناً، بغض النظر عن لغته وانحداره القومي، تضمه إلى أسرتها وعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهها الطفل بالتكيف مع حاضنته الجديدة، إلا أنه يتعلم اللغة المحلية ويرتبط بالسيدة التي حنت عليه بعلاقة إنسانية هائلة ويكون سنداً لها.
هذا الفيلم الذي يبلغ زمن عرضه 120 دقيقة، ومنعته الرقابة لأربع سنوات بسبب ظروف الحرب، عالج أسى الحروب وانعكاسها على الناس، فضلاً عن تركيزه على قدرة المرأة الإيرانية على تجاوز الصعاب رغم شدتها من دون أن تفقد
إنسانيتها.
و"باشو.. الصغير الغريب" كتب السيناريو له ومنتجه بيضائي ووضع الموسيقى التصويرية له فيروز ملك زادة، بينما جسد دور الطفل باشو بتلقائية عدنان عقراويان، و قدمت سوسن تسليمي أداءً باهراً بدور "نعيمة" المرأة القوية التي آوت باشو ودافعت عنه.