مزايا الإنترنت وعيوبه

اقتصادية 2024/07/29
...

ياسر المتولي 



الضجيج الذي خلّفه العُطل الفنّي في منظومة الإنترنت العالميَّة لتسبّبه بإيقاف النشاط العالمي لساعات في أول عيب نتج عن هذه التقنيَّة والذي فاق مئات المزايا لوسيلة الاتصال العالميَّة إنما كان جرس إنذار للاحتمالات غير المتوقعة.

وتسبَّب هذا العيب بخسائر ملياريَّة من الدولارات تحمَّلتها الدول بشركاتها العالميَّة العملاقة حول العالم مما يتطلب وقفة إزاء هذا الخطر على الاقتصاد العالمي.

صحيح أنَّ العطل قد أثار الاستغراب والتحسب والجدل لكنه نبَّه إلى أهميَّة المخاطر التي قد تنجم عن التحولات الرقميَّة غير المحسوبة، حيث توقفت حركة المطارات والبنوك والتنقل وتوقفت التعاملات التجاريَّة والخدميَّة كافة.

إنَّ الثورة الصناعيَّة الرابعة التي يشهدها العالم والمتمثلة بتقنيات المعلومات والاتصالات المتطوّرة والاقتصاد الرقمي والروبوتات تأتي على أعقاب انتهاء عصر العولمة وعودة اهتمامات الدول كلاً على قدراتها وإمكانياتها دون الاعتماد على الآخرين، وبخلاف ذلك أظهرت المركزيَّة الرقميَّة أنَّ ثمة استعماراً رقمياً جديداً يخضع له العالم وتتحمَّل تبعاته الشعوب غير المستقلة رقمياً.

ويظهر جلياً التنافس المحموم بين الدول العظمى في ما بينها في تبني تقنيات وبرامجيات متطوّرة، بل أصبحت الوسيلة الأقوى في الحروب الباردة بين الكبار.

هذه التوجّهات والتطوّرات النوعيَّة الكبيرة تتطلّب من الدول الناشئة التكيّف مع مراحل التطور واعتماد قدراتها وإمكاناتها الماديَّة والبشريَّة لمواكبة المتغيرات في المعرفة والابتكار والتواصل ومحاكاة العالم الرقمي بقدر عال من الاستقلاليَّة في الابتكار.

 العراق يخوض هذه التجربة في وقت متأخر وتجري ببطء رغم امتلاكه قدرات ماليَّة وبشريَّة مشهوداً لها قادرةً على البحث والتطوير والابتكار، ومعروف عن العراقيين همَّتهم، إلّا أنَّ هذا الجانب لم تغفله البرامج الحكوميَّة على الرغم من عدم الاكتراث والاهتمام بها بسبب التحديات الكبيرة التي تعيشها البلاد.

وبعبارة أدقّ رغم أنَّ نسب الدعم والاهتمام الذي تُبديه الحكومة الحاليَّة بهذا الجانب لكنه لا يرقى إلى حجم وأهميَّة هذا التطور المتسارع حول العالم وحتى في محيطنا العربي والإقليمي.

إنَّ التفكير في المستقبل يتطلب ستراتيجيَّة رقميَّة محكمة تستند إلى رؤية واضحة خصوصاً في مجال إعداد وتدريب وتخريج تخصّصات جامعيَّة في مجالات تقنيَّة المعلومات والاتصالات والتركيز على الابتكارات.

إنَّ وظائف المستقبل تتطلّب بلا ريب جيلاً متسلّحاً بالمعرفة ومحاولات الابتكار ومغادرة العلم التقليدي وفق المناهج الدراسيَّة المخصَّصة للحفظ فقط.

إنَّ عطل الإنترنت عبر العالم نبَّه إلى أهميَّة التفكير في البحث والابتكار لمجالات بدائل وطنيَّة سريعة لتلافي الخسائر وانحسارها.

هذا العطل الفني في منظومة الإنترنت إنما جاء ليحفز الدول حديثة الولوج في هذه التقنيات ومن بينها العراق على الانتباه إلى العيوب في الرقميَّة المركزيَّة لتلافيها والاستفادة من الأخطاء استناداً إلى تجارب العالم.

علينا ألّا نهتمَّ بالعطل بجدل غير مدروس عن التطور التقني وإنما نصبّ اهتمامنا في مقارنة المزايا والعيوب بأيِّ تقنيَّة جديدة والاستفادة من الأخطاء العرضيَّة التي قد تنتج عن هذه التقنيات مستقبلاً ضمن تطوير برامج للأمن السيبراني وعدّها جزءاً مهماً من أجزاء ومفاصل الأمن الوطني وحمايته.