زينب «ع» هي ابنة الإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، منحت ألقاباً عديدة: (الحوراء، الصابرة، أم المصائب، كافلة الأيتام، العقيلة، بطلة كربلاء...). قال عنها إخواننا المصريون إن لها دوراً بطولياً وأساسياً في ثورة كربلاء التي تعد من أهم الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلاميَّة بعد رسول الله «ص»، وكان دورها لا يقل عن دور أخيها الإمام الحسین «ع» وأصحابه صعوبةً وتأثيراً في نصرة الدين. وأنها قادت مسيرة الثورة بعد استشهاد أخيها وكان لها دورٌ إعلاميٌّ أوضحت فيه للعالم حقيقة الثورة وأبعادها وأهدافها.
وكان أروع تجسيدٍ لحالات المحبة بين الأخ وأخته، أنَّها رافقت أخاها الحسين للجهاد ضد يزيد بن معاوية ووقفت إلى جانبه خلال تلك الشدائد، وشهدت كربلاء بكل مصائبها ومآسيها، و قد رأت بعينيها يومَ عاشوراء كلَّ أحبتها يسيرونَ إلى المعركة ويستشهدون، حيث قُتل أبناؤها وإخوتها وبنو هاشم أمام عينيها، ورأت بعد انتهاء المعركة أجسادهم من دون رؤوس وأجسامهم ممزقة بالسيوف. وکانت النساء الأرامل من حولها وهن يندبن قتلاهنّ وقد تعلق بهنَّ الأطفال من الذعر والعطش، وجيش العدو يحيط بهم من كل جانبٍ وقاموا بحرق الخيم، واعتدوا على حرمات النساء والأطفال، وقابلت هذه المصائب والفواجع بشجاعة فائقة.
ويوم دخلت قافلة السبايا إلى الكوفة بأمرٍ من واليها عبيد الله بن زياد، خرج أهل الكوفة للنظر إليهم، فصارت النساء يبكين وينشدن. فخطبت السيدة زينب خطبتها الشهيرة في أهل الكوفة قبل دخولها إلى مجلس ابن زياد، وقالت:
«أتبكون.. فلا سكنت العبرة ولا هدأت الرنة». وأشارت إلى الناس بأنهم هم المسؤولون عن قتل الإمام الحسين فقالت:
«ويلكم أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ وأي عهد نكثتم؟...». وكان كلامها غاية في الفصاحة والبيان مستعينةً بآياتٍ من القرآن، وکلامها يفيض بحرارة الإيمان، جعل الناس يبكون.
غير أنَّ موقفها أمام الخليفة يزيد بن معاوية يتصدر مواقفها الشجاعة، فرغم أنَّها تعرف أنَّه مجرمٌ لا يتردد في قتلها، فإنَّها حين رأت شماتة يزيد وقد وضعوا رأس الحسين أمامه، ألقت خطبة بليغة.. بدأتها:
«أَظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حِينَ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ، وَضَيَّقْتَ عَلَيْنَا آفَاقَ السَّمَاءِ، فَأَصْبَحْنَا لَكَ فِي إِسَارٍ، نُسَاقُ إِلَيْكَ سَوْقاً فِي قِطَارٍ، وَأَنْتَ عَلَيْنَا ذُو اقْتِدَارٍ، أَنَّ بِنَا مِنَ اللَّهِ هَوَاناً وَعَلَيْكَ مِنْهُ كَرَامَةً وَامْتِنَاناً؟؟.. مهلاً مهلاً لا تطش جهلاً!».
وقالت له بأعلى صوتها والمدججون بالسيوف يحيطون به:
(وَهَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَأَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَجَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلَا لُعِنَ الظَّالِمُ الْعَادِي). سلامٌ لك سيدتي، وهنيئاً لك يوم تلتقين جدك وأباك وأخاك وأهلك الطيبين وقد أكرمكم الله في أجمل وأروع وأبدع جناته.