منتظر جهاد: أعمل على تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي

ولد وبنت 2024/08/05
...

 بغداد: سرور العلي

نجح منتظر زاهد جهاد الباحث والخبير في علوم الجينوم والذكاء الاصطناعي في جامعة كامبردج، ليكون أحد سفراء مؤسسة Nextflow العالمية، وعن ذلك قال لـ (الصباح): “مؤسسة نيكست فلو هي المؤسسة المالكة للغة البرمجية، اللغة الأكثر استخداماً في بناء طرق العمل بمجال تحليل بيانات الجينوم، إذ تستخدم بشكل رئيس، في كبرى المؤسسات العالمية المعنية، ومنها المشروع الجيني الألماني، بالإضافة للعديد من المؤسسات البحثية المرموقة في أوروبا وأميركا، ويتم اختيار سفرائها من بين الخبراء والعلماء في أرجاء العالم، ممن لديهم خبرات واسعة في استخدام هذه اللغة، والقادرين على التأثير في الشباب، من خلال نشاطهم في نشر واستخدام هذه البرمجيات المتطورة، ما يسهم في دفع عجلة التقدم العلمي، وقد تم اختياري كسفير على ضوء المهارات والخبرات التي امتلكها في هذا المجال”.

وجهاد حاصل على البكالوريوس باختصاص العلوم الوراثية (الهندسة الوراثية)، في جامعة الشرق الأوسط التقنية، ثم درجة الماجستير في المعلوماتية الحيوية من كلية الطب في جامعة هاجة تبة، وهاتان الجامعتان تعدان من أعرق وأفضل الجامعات التركية، وقبل دراسته للدكتوراه، اتجه إلى الحياة المهنية، فعمل على مدى أكثر من ثلاث سنوات بالشركات المتخصصة بمجال المعلوماتية الحيوية، الأمر الذي أتاح له فرصة الحصول على وظيفة (خبير في المعلوماتية الحيوية)، في واحدة من أعرق المؤسسات العلمية في العالم، وهي جامعة كامبردج في بريطانيا، ومن ثم حصل على درجة (عالم في المعلوماتية الحيوية)، بالاختصاص ذاته من معهد أبحاث السرطان في الجامعة ذاتها.
وفي ما يتعلق بكونه باحثاً وخبيراً في علوم الجينوم والذكاء الاصطناعي، وبماذا يهتم هذا الاختصاص، لفت جهاد إلى أن الجينوم البشري يحتوي على أكثر من 25 ألف جين، وأكثر من 3 مليارات زوج قاعدي على طول الحمض النووي (DNA)، كل قاعدة منها تمتلك إمكانية حدوث طفرة وراثية فيها، والتي قد تؤدي إلى حدوث الأمراض الجينية، ويمكننا قراءة جميع هذه القواعد من خلال التقنيات الحديثة، ولك أن تتخيل حجم البيانات المنتجة، وبسبب ضخامة هذه البيانات أصبح الأمر بحاجة ملحة لظهور تخصص حديث يجمع بين علوم البيانات والذكاء الاصطناعي والعلوم الوراثية، للتعامل مع هذه البيانات وفهمها وترتيبها، من أجل التوصل إلى الطفرات الوراثية، وتحديد الجينات المتضررة منها.  
مضيفاً “لذا كباحث وخبير في هذا المجال، أعمل على تطوير واستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، لفهم هذه الطفرات وكيفية تسببها بالأمراض، من خلال الاطلاع على قراءات الحمض النووي للمرضى، وبالتالي العمل على تصميم علاجات جينية تتناسب مع جينات ذلك المريض، وهذا ما يسمى بالطب الشخصي الجيني، وهو أحدث مجالات الطب حالياً”.
وأشار إلى أنه خلال ممارسته لمجال المعلوماتية الحيوية يسعى لتطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي، القادرة على التعامل مع البيانات الجينية الضخمة والمعقدة، من خلال بناء ونمذجة هذه الخوارزميات بشكل معين، وباستخدام طرق حسابية واحصائية متقدمة، لذا كان نتيجة جهوده خلال السنوات الثلاث التي عمل فيها مع الشركات التركية، الاسهام في تطوير منصة قادرة على تشخيص، وتحديد الطفرات الوراثية، الأمر الذي دفع بالمؤسسات التركية المختصة إلى جانب الأطباء المختصين في الأمراض الوراثية وطب الأطفال إلى استخدام هذا البرنامج على مستوى واسع.
واستطاع بعد انضمامه إلى جامعة كامبردج المشاركة مع فريقه البحثي في اكتشاف عوامل جينية جديدة، تلعب دوراً مهماً في انتشار سرطان البنكرياس، ما أدى إلى حصول هذا الاكتشاف على صدى عالمي ملموس، لا سيما بعد أن تم نشره في مجلة (Cancer Cell) العلمية المرموقة، بعد تمكنه من ابتكار وتطوير طريقة عمل جديدة، قادرة على الغوص في أعماق الخلايا، ودراسة التغيرات الجينية على المستوى النووي الدقيق، فكان له شرف المساهمة في تطوير طريقة العمل هذه، بشكل رئيس ومباشر بحسب
قوله.
مؤكداً “لديّ العديد من الطموحات التي أسعى لتحقيقها، فما زالت الصور المؤلمة للأطفال تختزنها ذاكرتي إثر الزيارة التي قمت بها إلى قسم الأورام في أحد المستشفيات، وشاهدت خلالها الكثير من حالات السرطان الميؤوس منها، ولكن حالات الأطفال كانت هي الأصعب بينهم، وما زالت نظراتهم الحائرة المؤثرة عالقة في ذهني، أما نظرات قلة الحيلة لأمهاتهم وآبائهم من حولهم فلا تغيب عن بالي، ما جعل طموحي هو العمل على الإسهام بإيجاد علاجات أكثر وأكثر ما استطعت إليه سبيلاً، لعلاج هذا المرض الخبيث أو للتخفيف منه على الأقل، طامحاً بأن أكون سبباً في استعادة ابتساماتهم المفقودة”.
شارك جهاد وقدم أبحاثه بالكثير من المؤتمرات العالمية، التي تعنى بدراسات الأمراض الجينية والسرطانات، ومنها في مؤتمر الجمعية الأوروبية للجينوم البشري (ESHG)، في برلين- ألمانيا ٢٠٢٠، وهي أكبر جمعية أوروبية تعنى بالأمراض الوراثية، وأبحاث تطوير العلاجات الجينية الشخصية الحديثة لمرضى السرطان والأمراض الجينية النادرة، كما اشترك كممثل عن جامعة كامبردج في مؤتمر (قادة الأبحاث المستقبليون)، في لشبونة-البرتغال ٢٠٢٣، والتابع لمبادرة التحديات الكبرى للسرطان (Cancer Grand Challenges)، وهي مبادرة عالمية تهدف إلى تحفيز ودعم الأبحاث المبتكرة والثورية لمحاربة السرطان، وتحظى هذه المبادرة بشكل مباشر برعاية المعهد الوطني للسرطان التابعة لمعاهد الصحة الوطنية الأميركية (NIH)، وكذلك معهد المملكة المتحدة لبحوث السرطان (CRUK).
وحصلت رسالته في الماجستير، التي كانت حول تطوير طريقة مستحدثة من الذكاء الاصطناعي لتحليل جينومات السرطان، على جائزة لوريال العالمية الفرنسية (باريس)، كما أثار آخر بحث له انتباه عدد من شركات التقنيات الطبية (البريطانية والأميركية)، وقامت بدعوته أكثر من مرة للاستشارة، ولمناقشة عدد من الأجهزة والتقنيات الجديدة قبل طرحها في الأسواق العالمية.