في بيت عصري

ثقافة 2019/06/17
...

فؤاد عبد الرزاق الدجيلي
كانت الأشياء صامتة من حولها...
الستائر صقيلة لامعة... والجدران مخملية الملمس ، والأواني والأثاث بلوري وزجاجي وذهبي . 
وصوت جهاز التكييف .. يرسل هديراً يحتج على المعاناة المتواصلة.
ـ هذا البرد يسري في عروقي .. أغلقوا هذا الجهاز .. وأرَتجفت من الصقيع .. أطرافها كالثلج ، وعيناها جاحظتان تبحثان عن الاشياء الصقيلة 
من حولها.
ـ إنه الليل .. لاأدري ، أم هو النهار؟قد يكون ... وقد يكون أي وقت إلا الزمن الذي يمكنني أن أعرفه ، أو أن أحدده !
  هي عاجزة في تلك الأجواء أن تحدد الزمن الذي تمارس فيه التنفس في تلك اللحظة ... وعاجزة حتى عن معرفة سرها وأنقبض صدرها.
شعرت بثقل كبير يلقي بهيكله على صدرها .. ويمسك بفمها ، ويشل حركة تنفسها.. يعلو فيصعد له ألم في أجزاء رأسها وينخفض فتتلوى أمعاؤها... وأطرافها ترتجف.
ـ ما هذا الغثيان .. والملل .. سأم يجثم فوق بقائي فيشلني ؟
ـ أغلقوا جهاز التكييف ـ بأعلى صوتها لا أحد يسمعها.
الستائر صقيلة وبلورية الخلفية .. كل الأشياء اللامعة ذات الرائحة الوردية حولها لاتندر أن تحرك شيئاً.
الصمت رهيب ...
نهضت فجأة .. قوة ما أمتدت في شرايينها .. من أين جاءت .. كيف وصلت إليها .. وكيف تمكنت من أعصابها ؟
وبعصبية .. فتحت النوافذ .. ومزقت الستائر .. وثم ألقت البلوريات على الأرض .. وبسرعة تناولت الزجاجيات قطعة قطعة ولقت بها على الأرض فتكسرت .. وتطايرت .. حولها كل شيء عدم .. يوحي بجريمة قتل. وفجأة.. صمت صوت جهاز التكييف .. وأختفى هديره المحتج .. بعد أن مدت يدها إليه فجأة وأخمدت صوته.
  بدأت أجواء الغرفة يتسلل إليها الدفء ... والهواء .. وثم أطلت الشمس من ركن النافذة ... سمعت أصواتاً تأتي من الخارج ... ثمة روح دخلت فيها ... وثمة حياة قدمت مع ضوء الشمس .
أقبلت تهز رأسها بعنف لعلها تخرج منه
 بقايا الظلام .