الإيرادات غير النفطيَّة

اقتصادية 2024/08/13
...

محمد شريف أبو ميسم

 مخاطر تصاعد التوترات الإقليمية وتأثيرها المحتمل في حال توسع الصراع في المنطقة واتساع رقعة الحرب ما قد تؤدي إلى حدوث انقطاع في مسارات الشحن وانخفاض قيمة الصادرات

يُقصد بالإيرادات غير النفطيَّة مجموع الإيرادات المتحققة من القطاعات الحقيقيَّة وغير الحقيقيَّة لصالح خزينة الدولة على ألّا يكون مصدرها ناجماً عن السلوك الاستهلاكي لإيرادات النفط، بمعنى ألّا تكون من مجموع السلوك الاستهلاكي لموظفي الدولة الذين تكون رواتبهم من الإيرادات النفطية أو من الضرائب والرسوم التي يكون مصدر الأموال فيها من رواتب الموظفين أو المهن التي تغذيها الإيرادات النفطية، والتي يكون لها الدور الأساس في حركة السوق بجانب أموال المشاريع الحكومية التي تغذيها أموال النفط أيضاً، وبخلافه فإنَّ الإيرادات غير النفطية هي إيرادات نفطية بشكل غير مباشر.
ودواعي الحديث عن هذا النوع من الإيرادات مرده القلق الناتج عمّا يقال بشأن انخفاض أسعار النفط أو تمديد تخفيضات منظمة أوبك ما قد يؤثر في حسابات المالية العامّة في ظلّ الحاجة لمزيد من الأموال من أجل تنفيذ المشاريع الحكومية التي يتضمنها البرنامج الحكومي، فضلاً عن مخاطر تصاعد التوترات الإقليمية وتأثيرها المحتمل في حال توسع الصراع في المنطقة واتساع رقعة الحرب، ما قد يؤدي إلى حدوث انقطاع في مسارات الشحن وانخفاض قيمة الصادرات أكثر ممّا يحققه الأثر الإيجابي المحتمل لحدوث ارتفاع في أسعار النفط، وهو ما يعزّز حاجة البلاد إلى الإيرادات غير النفطية خشية تعرض الاقتصاد الوطني لصدمات تقلبات أسعار النفط.
وبحسب تقارير صحفية، توقف نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي للعراق في العام 2022، ثم استعاد بعضاً من عافيته وبلغ 6 بالمئة في 2023، ونتيجة للتوسع في المالية العامة، كان من المتوقع زيادة معدلات النمو الاقتصادي في البلاد، وهذا ما تسرّب فعلاً قبل بضعة أيام، إذ نقلت وسائل الإعلام خبر ارتفاع الإيرادات غير النفطية للأشهر الخمسة الأولى من السنة، إذ سجّلت نحو 6.24 تريليونات دينار عراقي.
ومع أنَّ هذا الارتفاع لا يرتقي إلى مستوى ما تضمنته الموازنة العامة، إلّا أنه يؤشر إلى حصول متغير إيجابي، إذ لابد من تقليل الاعتماد على النفط، والحذر من تقلبات الأسعار في ظل التوترات التي يشهدها العالم، والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية عبر مواصلة الدعم للقطاعات الحقيقية ومشاريع القطاع الخاص والحدّ من الاستيراد وحماية المنتج المحلي، مع أهمية تفعيل دور صندوق إقراض الفلاحين في وزارة الزراعة وإعادة إحياء دور المصرف الزراعي في دعم المشاريع الزراعية ومشاريع الصناعات الغذائية، وضبط الإنفاق العام من أجل ضمان الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق التنمية المستدامة.