مفخرة الخدمة الحسينيّة

اسرة ومجتمع 2024/08/18
...

سعاد البياتي 



في كل عام هنا على طريق المسيرة العجيبة والتي تحمل بين طياتها كل المعاني والرموز الروحية والتطوعية، تبرز قصص وحكايات لا يمكن حصرها ووصفها في سطور أو حتى مقال، هي روايات كبيرة ومتقنة من العمل والإيثار والجهاد في أشد الفصول حرارة ولوعة، إلا أنهم يجاهدون في تقديم الخدمة بكلمات طيبة وروح وثابة تنساب نحو تلك الوجوه السخية التي حملت آهات السبي وقصة السيدة العظيمة التي فاقت بحدوثها كل القصص العالمية، وارتقت نحو مجد الصبر وعزة النفس .

ومن مبدأ الحديث عن حيثيات زيارة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، نجد قضية لا يمكن تجاهلها وعبورها وهي حديث التطوع وقيمته الإنسانية الذي يعد من أهم المبادئ والإنجازات في هذه الزيارة العظيمة، فالأرقام حسب ما وصف تفوق المتوقع بعدد من المتطوعين والمتطوعات من بلدان العالم ممن يجيدون الخدمة ويعشقونها وينتظرونها عاماً بعد آخر، ليدونوا في سجل الأيادي الكريمة شرف الخدمة.

وزيارة الأربعين عندما تجمع بين العمل التطوعي من جهة، والعطاء المادي والروحي اللامحدود من دون مقابل من جهة أخرى، تبلغ بذلك ذروة التكافل وبذل كل ما يمكن أن يمنح لمثل هكذا حدث إسلامي عظيم، أبهر العالم وأجاد بكل صوره وقصصه آيات الحب والعشق (فكل ما لدينا للحسين عليه السلام)، فضلاً عما يكسبه الإنسان من الصفات والعبر التي تعد دروساً، ففي زيارة الأربعين يتجسد العطاء والجود الذي يورث بدوره خصالاً أخلاقية وإنسانية كثيرة، لتغيب الأنانية وحب الذات والكسل وغيرها من السمات التي تتواجد في الأيام العادية، وتذوب في أيام الأربعين، وكأن الشخص غير ماهو عليه، تختلف حركاته وسلوكياته ويغدو بأفضل حالات الإنسانية والمجد بخدمة سيد الشهداء وزواره .

 ولأن زيارة الأربعين وعلى مدى وجودها وأعوامها حققت  مكاسب اجتماعية وأخلاقية وإعلامية، وصدى واسعاً بكل ما تحمله من جوانبها المتعددة، وتمكنت أيضاً من استقطاب كل شرائح المجتمع من سنة وشيعة، وأن توحد المسلمين وتغسل قلوبهم من أدران الطائفية والأحقاد، وأن تكون واحة واسعة لكل الزائرين والحاثين الخطى لمسيرة عظيمة يتراءى فيها مشهد السبي وعظمة التحمل وتكشف بالوقت ذاته صوراً لا يمكن رؤيتها إلا في كربلاء وفي طريق مملوء سخاء ورضا وإنسانية.