بغداد: اسرة ومجتمع
لم يتوقع أحمد أن مسار حياته سيتخذ منحى آخر بعد ذلك الصداع كعادته وهو يشتكي دائماً من صداع نصفي مزمن، صادف أنه ظل ممسكاً برأسه أمام أحد زملائه في المدرسة، وبعد أن تحدث له عن صعوبة التركيز أثناء الألم رد عليه بجملة واثقة «وإذا خلصتك من هذا الألم خلال دقائق ماذا تقول؟.
رد أحمد بلهجة تجمع التهكم والتمني: خلال دقائق؟ أحتاج لمعجزة.
فقال : لا تحتاج لهذه، فأخرج من جيبه حبة بيضاء وناولها له، وبعد محاولات للاستفسار من قبل أحمد عن ماهية هذا الدواء، تناولها بعد أن أقنعه أنه لن يخسر شيئاً إذا جرب مفعول حبة واحدة مع تشديده على عبارة «فإن لم تفدك قطعاً لن تضرك»
بعد دقائق شعر أحمد فعلا بتحسن ملحوظ وكأن الألم تلاشى دفعة واحدة، سأل زميله عن اسم المسكن الذي تناوله لكنه رفض أن يجيبه وظل يمازحه ليتهرب من الإجابة.
بعد أيام أراد أحمد من زميله حبة أخرى كونه يعاني من دوار خفيف وحصل على مراده من دون أن يسأله كما في المرة الماضية، ولكن في الثالثة طلب زميله مبلغاً مقابل العلاج، وبعد فترة ليست طويلة تأكد أحمد أنه يتعاطى نوعاً معيناً من الحبوب المخدرة.
لم يكن يدرك نوع التصرف المنطقي في هكذا وضع، فما بين حاجته الملحة لتناول المخدرات التي وصلت حد الإدمان، وبين ظروف هذا الوضع المتمثلة بقيامه بسرقة الأموال من البيت لتغطية تكاليف تلك السموم، وبين مستقبله الذي صار شبحاً ينبئ بالضياع، وبين عجزه عن التفكير السليم بسبب خموله المستمر، وغيرها من الظروف السيئة التي ألمت به، انتبه أخوه الأكبر وبعد حوار طويل وعنيف مع أحمد سحبه من يده لأقرب طبيب حتى يستشيره عن الإجراء العلاجي المفروض في هكذا حالات سواء طبياً أو نفسياً، هذه القصة لم تكتمل بعد.
أحمد الذي أختار اسماً افتراضياً لهذه القصة الواقعية ما زال يتعالج من خبث الإدمان، وما زال يرفض الاعتراف على زميله الذي أوصله لهذه الحالة خوفاً من النزاعات العائلية.
وما زال تجار الأرواح يستهدفون الشباب لبيع سمومهم وسط لا مبالاة بعض الضمائر المحتضرة.