ياسر المتولي
كي نفهم واقع اقتصادنا العراقي لابد من النظر إلى تجارب النجاح والإخفاق في الاقتصادات القريبة أو المشابهة للظروف والتحدّيات التي يواجهها الاقتصاد العراقي بقصد الإفادة وتخطي التحديات والأسباب.
هناك مشتركات في مسبِّبات الخلل البنيوي في اقتصادات الدول النامية على وجه الخصوص ومن بينها العراق طبعاً والسبب بكونها مستقبلة للأزمات المالية والاقتصادية المصدَّرة من قبل الدول الكبرى والمهيمنة على مقدرات الاقتصاد العالمي، وتصدير الأزمات إمّا أنَّ يكون مقصوداً أو نتيجة لتضارب المصالح بين الكبار.
ولعلَّ أجمل وصف للوضع الاقتصادي العالمي قرأته في ما قاله اقتصادي دولي عربي والذي لخّصه بثلاث كلمات أو مترادفات هي (مربَك، شائك وضاغط) وهو وصف واقعي ودقيق فعلاً.
وعزا السبب إلى الأخطاء المتعددة في وضع السياسات العامة وتطبيق الإجراءات المطلوبة لتنفيذ هذه السياسات أو بالأحرى المهمة منها.
ويتضح جلياً في النتائج المتحققة جرّاء الأخطاء بظهور انحرافات كبيرة بين ما مرسوم في السياسات العامة وما تم تنفيذه، وهذه الفجوة هي معيار تقييم الواقع الاقتصادي لأي بلد.
ورأى الخبير الاقتصادي المذكور في أعلاه، أنَّ أحد أهمِّ أسباب هذا الانحراف يعود إلى موضوعة اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وأقرّ في الوقت نفسه بصعوبات جمّة تواجه المخطط الاقتصادي ولاسيما في إيجاد آلية دقيقة في الاختيار الأمثل لمسارات العمل الاقتصادي بكونها تتعارض أو تتقاطع مع رغبة القائمين على القرار السياسي بهذا الاختيار. وهنا تكمن مصاعب وضع الحلول! وهذا هو واقع الحال في الدول النامية.
فهذه الظاهرة أو الرؤية والتحليل بشأنها تعد من المسائل المشتركة بين الدول التي تعاني صعوبة في إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية ذلك لكثرة التشوّهات البنيوية لاقتصاداتها بحسب رأي ذلك الخبير الدولي. وهناك شواهد عدّة تثبت صحة ما ذهب إليه ذلك المفكّر والخبير الاقتصادي وتحديداً: (الاختلاف بين رسم السياسات والتطبيق) في تجارب بلدان نامية عدّة. ما يهمنا من هذا التحليل هو ضرورة الانتباه إلى أهمية تخطي مثل تلك التحديات بكل الوسائل المتاحة، إذ يلاحظ أنَّ هناك جهوداً حكومية حثيثة وخطوات عملية جدية في رسم سياسات اقتصادية تتضمّن حلولاً واقعية، وهذا ما تضمّنه البرنامج الحكومي والمطلوب معالجة بعض الحالات المتمثلة بضعف تنفيذ السياسات المرسومة على أكمل وجه من قبل البعض وقد يكون السبب في ضعف الخبرة التنفيذية. والمطلوب الآن العمل على إيجاد حل لمشكلة الاختيار المناسب في مواقع المسؤولية التنفيذية مع الإقرار بصعوبة وجود آلية جاهزة للحل. وبالرغم من ذلك فإنَّ الحكومة تدرك أهمية هذا الخيار ولابد من أنَّ تواصل محاولاتها المعروفة في التحري عن الكفاءات الإدارية والفنية باستمرار.
إنَّ ما قدّمته الحكومة من اهتمام كبير بقطاع الخدمات يؤشر مدى دقتها في رسم سياسات محكمة لمعالجة الاختناقات المرورية على سبيل المثال وكذلك في مجال معالجة أزمة السكن والمطلوب متابعة متواصلة للتنفيذ بهدف عدم الوقوع في الأخطاء المنوّه بها وفق رؤية الخبير الدولي التي لخّصها بمشكلات الافتراق بين التخطيط والتنفيذ.