الموسيقى الكنائسيَّة

ثقافة 2024/08/28
...

سامر المشعل

اقترنت الموسيقى بكل الفعاليات التي يمارسها الإنسان منذ وجوده على سطح الأرض، بل إن الموسيقى وجدت في الطبيعة قبل أن يخلق الإنسان، من خلال أصوات الطيور والحيوانات وهدير البحر وخرير الماء وحفيف الأشجار.. وغيرها. وكانت الموسيقى مصدر سحر وإلهام للإنسان، وظفها للعبادة والتقرب للآلهة منذ الحضارات الأولى، وفي جميع الأديان.
فالمسيحية عندما جاءت كانت قد سبقتها الديانة اليهودية، التي كانت تستخدم في طقوسها الدينية الغناء والموسيقى، فالمسيحية أخذت بعض الطقوس والتراتيل من اليهودية وصاغت لها أساليبها الخاصة في العبادة والتقرب إلى الله من خلال الترانيم والإنشاد الكنسي الذي أخذ يتطور شيئاً فشيئاً. والترانيم تكون بإنشاد فردي أو جماعي، حتى دخلت الموسيقى إلى الكنيسة في القرن الرابع مثلما يشير الباحثون إلى ذلك.
استشعروا أهمية الموسيقى والغناء لتعميق الحالة الروحية في مناجاة الرب والتقرب إليه بالدعاء، واستخدمت الآلات الموسيقية لتوحيد أصوات المصلين والمنشدين وضبط إيقاعهم، بالإضافة إلى أنها تزيد من حالة الخشوع والرهبة وتجعل القداس أكثر فخامة، وعادة ما تكون الترانيم مستمدة من الكتاب المقدس بلغة سهلة واضحة، تدعو لطلب الرحمة والمغفرة وأن تحل المحبة في قلوب البشر والسلام والبركة على الأرض.
بعض الكنائس تكتفي بالإنشاد فقط، فكانت الكنيسة الأرثوذكسية تعتمد على الأصوات البشرية وظلت محافظة على هذا الطابع، إلى أن أدخلت الآلات الموسيقية إلى أوروبا، فتحول الإنشاد من ترنيم إلى غناء كنسي. وكنائس أخرى تستخدم الموسيقى والرقص كما في تنزانيا، فيستخدمون الآلات الموسيقية الحديثة مثل الأورغ والبيانو والكيتار والطبول. وتكون الموسيقى والغناء نابعين من القلب لاسترضاء الخالق وتمجيده، فيشعرون بالاطمئنان والراحة مثلما يصف بعضهم. كل كنيسة لها خصائصها وطريقتها بالإنشاد واستخدام الموسيقى، حسب البيئة والثقافة والموروث.
يستخدم المرتل طبقات صوتية عدة، حسب الحالة التعبيرية التي يتضمنها النص.
وقد أسهمت الكنيسة في تطور الموسيقى بشكل كبير جداً خصوصاً في أوروبا. وفي بعض البلدان الفقيرة في أفريقيا وآسيا، تعمد الكنيسة إلى تعليم الموسيقى والإنشاد الديني للمصلين ويقوم بمهمة تدريبهم بعض الأساتذة والموسيقيين.
جذبت الموسيقى الكنسية كبار المؤلفين لتقديم أعمال موسيقية مهمة سميت بـ "الموسيقى المقدسة" مثل: موزارت، برليوز، برامز، دفورجاك، فيردي، وسترافينسكي.. وغيرهم.
وعلى مستوى العراق كان هناك عدد من الموسيقيين الذين ألفوا موسيقى كنائسية مثل الموسيقار جميل جرجيس وحنا بطرس ورائد جورج وستيفن حنوش.. وغيرهم.
الجدير بالذكر أن الموسيقى كانت مرتبطة بالكنيسة ومحصورة بالترانيم، لكن هذه الصورة تغيرت في السنوات الأخيرة خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية، فأخذت هذه الموسيقى بالخروج من الكنيسة إلى المسارح والإذاعات وشاشات التلفزيون وأخذت تتأثر بألوان موسيقية أخرى مثل البوب والراب والروك، فظهر على سبيل المثال "الروك المسيحي".