المشتقات البيضاء

اقتصادية 2024/08/28
...

وليد خالد الزيدي

بما أنَّ القطاع النفطي هو الشريان الرئيس للاقتصاد العراقي فإنَّ أيَّ نمو فيه سيُلقي بظلاله على تطوّر خطط التنمية الوطنية التي تهدف الحكومة لتنفيذها وينشدها الشعب لاسيما في ظلِّ تراكم الأزمات العالمية الراهنة في مجالات عدَّة منها الطاقة والغذاء ونقص الخدمات، ونظراً لتردّي وتخلّف البنية التحتية لهذا القطاع في العراق بسبب إهماله في العقدين الأخيرين من القرن الماضي وما لحق به بسبب الحروب المتلاحقة ونزعة الارتجال في إدارة استغلال هذه الثروة وعدم التعامل بإيجابية مع الاستثمار الأجنبي له فقد قلّت كفاءته وضعف دوره التنموي لاسيما في مجال الصناعات النفطية ما استوجب ضرورة إعادة النظر فيه وإدخاله بخطط نامية وواعدة ومن خلال جولات تراخيص متعددة للحقول النفطية والغازية وهو ما نفذته الحكومة الحالية متمثلة بوزارة النفط.
الغرض الذي تبنته الحكومة حالياً من مشاريع تطوير قطاع النفط بالاعتماد على استثمار جميع عناصر الثروة الوطنية يُفضي إلى بناء اقتصاد عراقي متكامل من خلال زيادة الموارد وبناء رأس مال حقيقي سواء كان بشرياً أو مادياً ليؤدّي في المحصلة النهائية إلى إيجاد إنتاج متعدّد الاستخدامات كاستخراج المشتقات النفطية لتنمية بقية القطاعات الاقتصادية وبما يكفي لتعويض المجتمع عن خسائر وفقدان فرص تقدم خلال فترات سابقة تسبّبت بتعطل القدرة على تحقيق خطط اقتصادية واجتماعية شاملة في البلاد ما جعل الوزارة تسعى حالياً إلى بلوغ مرحلة إنجاز مشاريع واعدة بعد إعلانها قرب إكمال مشروع إنتاج ما يُطلق عليها (المشتقات البيضاء) بواسطة تحويل مادة النفط الأسود والمخلفات الأخرى إلى مواد ثانوية مصفّاة بشكل تقني وعلمي وبنسبة إنجاز بلغت (85 %) الذي من المؤمل أن يرى النور قريباً وزيادة إنتاج مصافي الجنوب من الوقود إلى مليون و(300) ألف برميل يومياً وأعمال تحسين نوعية البنزين وبجودة وكفاءة عاليتين ما يؤكد تطور مجال التصفية بشكل لافت خلال الوقت الحاضر بما ينعكس بشكل إيجابي على توفير المشتقات النفطية للاستهلاك المحلي بشكل مستدام.
في ظلّ سعي الحكومة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية ومساعيها التي نفذت على أساسها برامج فنية متعدّدة فإنَّ مرحلة بلوغ الاكتفاء الذاتي من المنتوج الوطني والحد من استيراد المشتقات النفطية من الخارج قبل حلول منتصف العام المقبل (2025) أصبحت في حكم المؤكّد، إذ حدّدت جملة إجراءات فنية منها الدخول في مراحل لصناعة نفطية واستخدام معدات وتقنيات متطورة بالاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة في هذا المجال واعتبار ذلك جزءاً كبيراً في عالم الاقتصاد ورافداً مهماً في تعزيز الموارد المالية وتطوير الصناعات المهمة ووسائل واعدة لتوسيع أطر خدمة المواطنين في مجال الطاقة والوقود ذي الاستخدامات اليومية.
الإجراءات التقنية التي تسعى وزارة النفط لتنفيذها إنما تجسّد النظرة التفاؤلية للقائمين على الاقتصاد الوطني لما يمكن أن يؤسس لخطط كبرى في هذا المجال الغرض منها زيادة الفوائد المرجوّة من استثمار القطاع النفطي وإنتاج صناعات أخرى غاية في التطور والنماء لاسيما بعد زيادة إنتاج الوقود من مصافي الجنوب وبكميات لافتة بما يشير إلى أنَّ القطاع النفطي ومشاريع التصفية يشهدان تطوراً كبيراً في الوقت الحاضر، الأمر الذي يمكن أن ينعكس بشكل إيجابي على توفر المشتقات النفطية لمختلف الأغراض.