غيداء البياتي
إن الله سبحانه وتعالى، هيأ لنا سبلاً كثيرة لإعمار الأرض ومن حكمته أنه لم يميز بين إنسان وآخر، فجميع البشر أبناء آدم وحواء عليهما السلام، وأصلهم من التراب وإليه، لذلك فإن البشر يشتركون بأنهم إخوة في الإنسانية، ولا يفضل أحدهم على آخر في شيء إلا بتقوى الله.
ومن تلك السبل التي تعمر الأرض العمل الخيري، ولا أعرف هل هو غريزة تولد مع الإنسان، أو أنه سلوكٌ مكتسب يتعلمه ابن آدم من المحيطين به، حتى يصبح مع الزمن غريزة طبيعيَّة، بعيداً عن كل ذلك احتلت هذه المفردة حياتنا، كما لم تحتلها مفردة أخرى، ربما لأننا شعب عانى من ويلات كثيرة لسنوات مضت، كان لها الفضل في انتشار الفقر والتشرد بين أبناء المجتمع، وبعد أن اختلط الغث بالسمين وتعددت النوايا والأغراض والنوازع، علينا أن نعي أهمية العمل الخيري وتأثيره الإيجابي في الآخرين، لاسيما أن الأمم المتحدة اعتمدت يوم الخامس من الشهر الحالي يوماً دولياً للعمل الخيري
شدني الفضول وروح الصحفي الذي يبحث عن كل شيء غريب، سؤال رجل يسكن في منطقة المنصور يسير ليلاً بهندام بسيط، يحمل كيساً كبيراً، فيه طعام للحيوانات، يطعم ذلك الكلب السائب وتلك القطة وهذا الهر في المنطقة بكل عطف وحنان، شعرت لوهلة أنه ربما يكون رجل دين خلع عمامته وجبة الافتاء، فتبيّن أنه أستاذ في جامعة بغداد، يتخلى ليلاً عن هندامه الأنيق لإطعام الحيوانات السائبة، ولم يقل الرجل شيئاً ذا بالٍ، سوى تلك العبارة التي استنفرت تقديري له وإعجابي به «علينا أن نكون متراحمين».
كم تمنيت لو كان بمقدوري طباعة هذه العبارة وتوزيعها بين مكاتب أصحاب العقارات والأموال والمسؤولين في الدولة وقادة الأحزاب، ليسهموا بتبييض وجوههم في بناء مستشفى أو مدرسة أو معمل أو حتى مدينة ترفيهية تستمتع بها الأسرة العراقية التي لا تزال ترفع شعار «اللي بينا يكفينا» وعلى ما يبدو أنه ينم عن مرارة ويعبر عن رغبة جادة في أن تنصب جهود الدولة ومسؤوليتها على فتح منافذ للنور تحل مشكلات مختلفة تعصف يومياً، بعمل المواطن ورزقه وسكنه ومائه وكهربائه ونفسيته ومستقبله، لذلك فلا توجد سعادة تعادل سعادة المواطن مع كل خبر يتحدث عن افتتاح معمل حكومي أو متنزه أو مدرسة أو مجمع سكني أو مائي أو افتتاح مجسر وتوسيع شارع، نعم يكفينا ما رأينا من ويلات ولنبحث عن صفحة جديدة نكتب في مقدمتها «الدعوة إلى عمل الخير».