د. أحمد علوان شبرم
التوحد عبارة عن اضطراباتٍ تمسُّ النمو والتطور والمراحل التي تليها للطفل، والاستجابة للمثيرات الحسيَّة والنطق واللغة والقدرات المعرفيَّة والقدرات المرتبطة بالناس والأحداث والأشياء؛ أي أنَّه الفرد الذي يعيش في حالة من العزلة والانسحاب وعدم القدرة على الاتصال بالآخرين. ويتميز اضطراب التوحد عن غيره من الاضطرابات النفسيَّة بأنَّ الطفل الذي لديه هذا الاضطراب يكون غير معاقٍ جسدياً ولا توجد لديه إعاقة أو تأخرٌ عقلي.
أبرز سلوكات المتوحد
من أبرز السلوكيات التي تلاحظها على مضطرب التوحد:
- العزلة.
- ضعف التفاعل والتواصل الاجتماعي.
- فتور المشاعر تجاه الآخرين.
- تحاشي التواصل البصري.
- السلوكات النمطيَّة والتكراريَّة.
نسبة انتشار التوحد
في نهاية العام 2021 وبداية العام 2022، أفاد المركز السيطرة على الأمراض الأميركي CDC بأنَّ نسبة انتشار التوحد حالياً هي ما يقرب من طفل واحد من بين كلّ 44 طفلاً (1 / 44) مصاباً باضطراب طيف التوحد (ASD)، وذلك بالاستناد إلى البيانات المأخوذة عام 2018، بعد أنْ كانت سابقاً طفلاً واحداً من بين كل 54 طفلاً مصاباً بالتوحّد (1 / 54)، إذ يوجد أكثر من 3.5 مليون أميركي يعيشون مع اضطراب طيف التوحد، كما يعاني نحو 1 % من سكان العالم من اضطراب طيف التوحد، بمعدل 1 طفل من بين 27 ذكراً مصاباً بالتوحد، وطفلة واحدة من بين 116 أنثى مصابة بالتوحد، وكما أنَّ الأولاد أكثر عرضة للإصابة بالتوحد بمعدل أربع مرات من الفتيات.
كما يعاني 31 ٪ من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد من إعاقة ذهنيَّة (حاصل الذكاء IQ أقل من 70)، وأن 25 ٪ يقعون في النطاق الحدودي (IQ=71 - 85)، وأن 44 ٪ منهم لديهم درجات حاصل ذكاء في النطاق المتوسط إلى فوق المتوسط (أي أن معدل الذكاء > 85).
دور الوراثة
أكدت البحوث والدراسات الحديثة أنَّ للوراثة أثراً في التوحد بنسبة (2 %)، ويحدث اضطراب التوحد في ثلاث مراحل فقط:
1 - في أثناء فترة الحمل.
2 - أثناء الولادة (لحظة الميلاد)؛ وذلك عند انقطاع الأوكسجين لفترة يؤدي الى تلف في خلايا الدماغ (التواصل)، ما يسبب اضطراب التوحد.
3 - في الأربعين يوم من عمر الطفل، كما في تعرض الطفل لارتفاع درجة حرارته أو تعرضه للإصابة بمرض «ابو صفار».
معرفة الإصابة أثناء الحمل
لا يمكن حالياً معرفة إصابة الطفل بطيف التوحد أثناء فترة الحمل، وذلك لعدم توافر تقنيَّة مناسبة تمكن من معرفة ما إذا كان الجنين لديه هذا الاضطراب أم لا.
آثار وتبعات نفسيَّة واجتماعية
يترتب على اضطراب التوحد نتائج سلبيَّة كبيرة، فوجود طفلٍ متوحدٍ في الأسرة يؤدي الى آثار سلبية مباشرة على جميع أفراد الأسرة، وتمتد الى الأقارب والمعارف وحتى المجتمع.
فالطفل التوحدي يوقع الأسرة بالتخبط النفسي والحرج الاجتماعي وردود فعلٍ غير تكيفيَّة تظهر في الغالب على شكل ضغوطٍ نفسيَّة واجتماعيَّة وصحيَّة، المجتمع في صراع مع المشكلات ومع العلاقات الإنسانيَّة التي ترتبط بالأفراد والتي تحكم سلوك الجماعة، ومن هنا فالمشكلات النفسيَّة والصراعات العقليَّة لافراد أسرة الطفل ذوي حالة التوحد تضغط اجتماعياً لإيجاد المساعدة وتساندهم في ذلك منظمات وجماعات المجتمع المدني والمجموعات التربويَّة، ما يشكل عبئاً على الدولة من حيث إيجاد المؤسسات التربويَّة اللازمة لخدمة هذه الشريحة و بالتالي التأثير في عجلة التقدم في مجالاتٍ أخرى باعتبار أنَّ هذه الخدمات تحتاج الى الكثير من العمل والجهد.
هل يمكن شفاؤه؟
هناك من تغيرت حالته بشكلٍ لا بأس فيه والبعض استمرَّ على ما هو عليه وبعضهم يحتاج الى رعاية مستمرة، إذ ليس هناك علاجٌ ناجحٌ بالمطلق لاضطراب التوحد، وهذا لا يعني إحباط الوالدين ولكنْ مع التعليم والتدريب يمكنهما من اكتساب الكثير وبعض الأطفال تستمر لديهم بعض الأعراض المرضيَّة طوال حياتهم مهما قلت درجتها وإنَّ الاطفال الذين تلقوا التدريب والتعليم في معاهد ذات برامج جيدة ساعدت في تحسنهم بشكلٍ كبير.
دور الأسرة
يُعدُّ دور الأسرة أساسياً في تطبيق البرامج التربويَّة والعلاجيَّة للطفل التوحدي، فالأسرة هي التي تقضي أكبر وقتٍ مع الطفل وهي التي تراقب وتلاحظ على الأغلب وجود أي مشكلة أو تطوراتٍ على سلوكه، وتقوم الأسرة بمساعدة الاختصاصيين على فهم العديد من جوانب الضعف أو القوة لدى الطفل، والتي لا تظهر عادة في أماكن الملاحظة والفحص مثل العيادة أو المركز بل تظهر لدى الأسرة فقط؛ لأنَّ الطفل لا يقوم بها إلا في المنزل، لذلك تأتي هنا أهميَّة المشاركة الفاعلة للوالدين في علاج طفلهم التوحدي.