محمد شريف أبو ميسم
يعطي مؤشّر إبعاد العراق عن القائمة الرماديَّة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، دلالات كثيرة ذات سمة داعمة للاقتصاد الكلي في البلاد، في وقت تحتاج فيه القطاعات الاقتصادية عموماً لموقف داعم من قبل المنظمات الاقتصادية الدولية والجهات الرقابية ذات الصلة بشأن التبادلات والتداولات المالية من وإلى العراق.
إنَّ إخراج العراق من هذه القائمة التي تتضمَّن أسماء الدول العالية المخاطر جرّاء تفشّي هذه الظاهرة، يعني أنَّ بيئة الأعمال العراقية باتت تمتثل للمعايير الدولية، وهي بيئة مواتية للرساميل الأجنبية التي تريد الاستثمار في البلاد، بعد ثبوت كفاية الإجراءات المتبعة من قبل السلطات العراقية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبهذا الصدد يكون من اللازم استثمار هذا التحوّل الذي يشير إلى حالة إيجابية في مفاصل أي بيئة يراد لها أن تكون جاذبة للاستثمارات، إذ يعني وبالضرورة الامتثال للإجراءات المتخذة والمستوفية للقواعد والمتطلبات الدولية، ما يعني الالتزام الفني بالأطر القانونية والأنظمة والتعليمات وضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبالتالي فهي إشارة إلى وجود بيئة قانونية وتنفيذية جادة، ما يعني إمكانية تكريس الجهود لتفعيل العناصر الأخرى لبيئة الأعمال الجاذبة، وفي مقدمتها إدخال التقانات واختزال حلقات الترهّل في الأداء المؤسسي والعمل بنظام النافذة الواحدة والانتهاء من عمليات التحضير لوجود نظام مصرفي شامل في عموم المصارف الحكومية والأهلية، علاوة على أهمية وجود استقرار نقدي يسهم في دعم خطط الشركات ورجال الأعمال في حسابات دراسات الجدوى الاقتصادية، إذ لا يمكن وضع أي دراسة مالية دون استقرار في أسعار سعر الصرف يكون فيها واضع الدراسة على بينة من حركة السوق واحتمالات التغيير في أسعار الصرف بناء على معطيات السوق ضمن حدود معقولة يتذبذب فيها سعر الصرف على أقل تقدير، وفي أفضل الأحوال فإنَّ استقرار أسعار الصرف وثباتها هو الأساس في حسابات دراسات الجدوى المالية، بما يجعل بيئة الأعمال سهلة التوقعات بشأن كلف المدخلات والعمليات والمخرجات.
هذا من جانب ومن جانب آخر فإنَّ اختزال حلقات الترهّل بما يرتقي ببيئة الأعمال لمصاف بيئات الأعمال في الدول المتقدمة، سيسهم حتماً في مكافحة بقايا أساليب الفساد والبيروقراطية التي ما زالت تعيق الكثير من الأفكار والمشاريع وتحول دون تنفيذها على أرض الواقع، بجانب أهمية إعلاء سلطة القانون في المناطق التي تشهد نفوذاً لتشكيلات مجتمعية خارج سلطة الدولة، مع أهمية بسط سلطة الدولة في أقصى المناطق النائية التي يمكن أن تشهد استثمارات اقتصادية مهمّة.