كاري غيلام
ترجمة: بهاء سلمان
في يومٍ صيفي قائظ وسط كانساس، تتلألأ حقول المزارع وسط الحرارة، بينما يراقب «كلينت براور» فريقاً من الروبوتات الصفراء الزاهية تتحرك صعوداً وهبوطاً في الصفوف، وتقطع بلا كللٍ أي أعشابٍ ضارة تقفُ في طريقها مع تجنب المحاصيل النامية.تشق الآلات التي تعمل بالبطارية، والتي يبلغ طولها 4 أقدام (1.2 متر) وعرضها 2 قدم (0.6 متر)، طريقها عبر الحقول بدقة، من دون أي يدٍ بشريَّة لتوجيهها. يرى براور، وهو مسؤول تنفيذي سابق في مجال التقنيات يقيم في كاليفورنيا وعاد إلى مزرعة أسرته في وسط كانساس، أن الروبوتات هي أدوات أساسية لمساعدة المزارعين على تقليل اعتمادهم على المواد الكيميائيَّة وأنْ يكونوا أكثر حماية لصحتهم وبيئتهم.
بداية موفقة
الآن، تبني شركته المتخصصة في التقنيات الزراعية، واسمها غرينفيلد (الحقول الخضراء)، وتبرّمج روبوتاتها في سقيفة خلف مزرعة قديمة كانت جدته تعيش فيها ذات يوم. وقد تم تسجيل عشرين مزارعاً في الخدمات الروبوتية هذا الموسم، وتأمل الشركة في إزالة الأعشاب الضارة من مساحة خمسة آلاف فدان هذا العام. يقول بروار: «الجواب هنا. وهذا يحل الكثير من المشكلات للمزارعين».
لقد كان المزارعون يحاربون الأعشاب الضارة في حقولهم، بسحبها وقطعها وقتلها بمجموعة من الأدوات، على قرونٍ من الزمان. وتتنافس الأعشاب الضارة مع المحاصيل على رطوبة التربة والمغذيات، ويمكنها حجب ضوء الشمس اللازم لنمو المحاصيل، ما يقلل من الغلة النهائية. وعلى مدى أكثر من 50 عاماً، كان القضاء على الأعشاب الضارة بالمواد الكيميائية هو الأسلوب المفضل. ومن الشائع أنْ يرشَّ المزارعون أو يخلطون عدة مواد كيميائيَّة لقتل الأعشاب الضارة على حقولهم في موسمٍ واحد.ولكنْ مع توسّع استخدام المواد الكيميائية، توسّعت الأدلّة العلميَّة على أنَّ التعرّض للمواد السامة الموجودة في مبيدات الأعشاب الضارة يمكن أنْ يسببَ الإصابة بالأمراض، فبالإضافة إلى ارتباط الغليفوسات بالسرطان، فقد ارتبطت مادة الباراكوات الكيميائية المستخدمة في قتل الأعشاب بمرض باركنسون. كما يمكن أنْ يكون مبيد الأعشاب الشائع الآخر في المزارع، الأترازين، ضاراً بالصحة الإنجابية ويرتبط بالعديد من المشكلات الصحية الأخرى.كما وجد أنَّ المواد الكيميائية المستخدمة في قتل الأعشاب ضارة بالبيئة، مع تأثيرات سلبية في صحة التربة وعلى الملقحات وغيرها من الأنواع المهمة. وقد أدى الاستخدام الواسع النطاق لمبيدات الأعشاب في الزراعة إلى تغذية مقاومة الأعشاب، ما جعل العديد من المزارعين يكافحون للسيطرة على الأعشاب في حقولهم حتى مع تكرار استخدام مبيدات الأعشاب.
مهمة شخصية
يتدفّق الدعم المالي إلى الشركات التي تصنع روبوتات قتل الأعشاب من صناديق رأس المال الاستثماري والمستثمرين من القطاع الخاص وشركات الأغذية والزراعة الكبيرة الحريصة على الرهان على الروبوتات كوسيلة لتعزيز إنتاج غذائي أكثر استدامة.وينضم الذراع الاستثماري لشركة تشيبتول ميكسيكان غرل (Chipotle Mexican Grill)، وهي سلسلة مطاعم عالمية، الى مجموعة المستثمرين في شركة غرينفيلد. ويقول “كريستيان غاميل”، الذي يقود صندوق تشيبتول الاستثماري: إن عمل غرينفيلد كان “مهماً ومؤثراً”. وقد جمعت شركة غرينفيلد نحو 12 مليون دولار من رأس المال، وتسعى إلى المزيد، وفقا لـبراور.
وجمعت شركة ايجن روبوتكس (Aigen Robotics) ومقرها داكوتا الشمالية 19 مليون دولار حتى الآن. تعمل الروبوتات المدمجة الخاصة بها بواسطة ألواح شمسية مثبتة في الجزء العلوي من كل آلة وهي مصممة للعمل بشكل مستقل، والنوم والاستيقاظ في حقول المزارع.يقول “كيني لي”، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة ايجن، والذي عمل سابقاً في مجال الأمن السيبراني، إنه وشريكه “ريتشارد ووردن”، الذي عمل في صناعة المركبات الكهربائية، في “مهمة شخصية” للحد من استخدام مبيدات الأعشاب في الزراعة. لي هو أحد الناجين من أحد أنواع أورام الغدد اللمفاويَّة، وهو مرض وجدت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان احتمال أنْ يكون ناجماً عن مبيدات الأعشاب القائمة على الغليفوسات، مثل العلامة التجارية الشهيرة Roundup “راونداب”.وتنشر الشركة 50 روبوتاً هذا الصيف في حقول البنجر السكري في الغرب الأوسط الأميركي، بهدف زيادة أسطولها إلى 500 للاستخدام مع مجموعة موسعة من المحاصيل. وتطرح شركات أخرى روبوتات زراعية مصممة خصيصاً لرش مبيدات الأعشاب بطرق أكثر دقة من الطرق التقليدية، وفقاً للباحثين. حتى شركة باير العالمية للكيماويات الزراعية، التي تبيع مبيدات الأعشاب راوند أب، بدأت تهتم بالروبوتات الخاصة بالمزارع.