المواطن وسعر الصرف

آراء 2024/09/09
...

 بشير خزعل

 في علم الاقتصاد تكمن القيمة الخارجية للعملة بوجود توازن أو فائض في الحساب الجاري لميزان المدفوعات نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر ينبغي أن يؤشر إلى حالة مستقرة في حدها الأدنى، لا تقل عن 4 بالمئة سنوياً، ولتحقيق ذلك الهدف، فلا بد من الاعتماد على ارتفاع معدل النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي بشكل مستدام، وبشرط أن تفوق الصادرات على الاستيرادات، ضمن الميزان التجاري للبلد.

في سابق العهد كانت البلاد تمتلك قدرة تصديرية للسلع والخدمات أكثر مما تستورد، الامر الذي عزز قيمة العملة الوطنية ولا سيما القيمة الخارجية للعملة نفسها، خلال تلك السنوات، خصوصا في بداية السبعينيات، وأشر الاقتصاد إلى حالة إيجابية، فضلاً عن توافر احتياطيات أجنبية ساندة تمثل المصدة الرئيسة ضد العوامل الخارجية المحتملة وتأثيراتها في الوضع الاقتصادي الكلي، في النظام الاقتصادي الحالي، يتم تحديد أسعار العملات عالمياً بطريقتين رئيستين، هما السعران العائم والثابت ومن خلال عوامل محليَّة ودولية تتحكم بقوة العملة في العرض والطلب وأسعار الفائدة، والتضخم والنمو في الاقتصاد المحلي والميزان التجاري وغيرها من المؤثرات، لكن قوة العملة الوطنية ترتبط بالقيمة الخارجية لها، وتحديداً سعر الصرف، إذ تتلازم القيمة الخارجية للنقود وبشكل مباشر مع استقرار الحساب الجاري لميزان المدفوعات، لا سيما على المدى الطويل، إضافة إلى استقرار الاحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي للدولة، والتي تعزز قوة الدينار العراقي واستقرار سعر الصرف، وفي جانب آخر ترتبط قيمة العملة واستقرارها بالقيمة الداخلية للعملة الوطنية نفسها، فمثلما نتحدث عن استقرار القيمة الخارجية للعملة في سعر الصرف وقوته التبادلية مع العملات الأخرى، فإنَّ القيمة الداخلية للعملة هي الوجه الآخر لاستقرار العملة وقوتها، وهنا ترتبط قيمة العملة الوطنية ارتباطاً مباشراً في المستوى العام للأسعار، والذي يعني قوة السلع والخدمات معبراً عنها بالنقود، هناك ثمة تلازم بين الاستقرار السعري وقيمة العملة الوطنية، وهذا الأمر يقتضي توافر سياسة نقدية حكيمة، تتولاها البنوك المركزية التي تجعل النمو في الكتلة النقدية يتناسب مع النمو في الناتج المحلي الإجمالي أو الدخل الوطني، النظرية الكمية للنقود تعتمد على مبدأ حيادية النقود التي تفسر أنَّ سبب التضخم في الأمد الطويل هي النقود نفسها، إذ إنَّ النمو في عرض النقد بشكل لا يتناسب والنمو في الناتج المحلي الإجمالي يقود، إما للتضخم أو الانكماش في نمو المستوى العام للأسعار، إذا ما زادت كمية النقود في الاقتصاد، وما لم تكن هناك زيادة موازية في الناتج الاقتصادي، فسوف يؤدي ذلك إلى زيادة في المستوى العام للأسعار، وفقدان السيطرة على أسعار الصرف حتى وإن حددت الدولة سعر الصرف بشكل مغاير لما يباع في السوق، وخير دليل على ذلك أن سعرف الصرف في أغلب أسواق العراق ما زال متأرجحا بين 149-150 الف دينار عراقي مقابل كل 100 دولار أميركي، في حين أن سعر الصرف الحكومي، هو 132 ألف دينار عراقي مقابل كل 100 دولار اميركي، ولكنه لم يعد بأي فائدة تذكر على المواطن، بل لم يربح من فارق الأسعار سوى المضاربين والسماسرة والمتاجرين وبعض الشركات.