هل تؤثر الأفلام السينمائيَّة في مشاعرنا وأفكارنا؟

منصة 2024/09/11
...

 تيمور الشرهاني

تعد الأفلام السينمائيَّة من الفنون التي لها تأثير عميق في العواطف البشريّة. ومن خلال سرد القصص وتجسيد الشخصيَّات، تمكنت الأفلام من أن تثير مشاعر الجمهور وتترك آثاراً لا تنسى في قلوبهم. فالفيلم الجيد لا يسجل الأحداث فحسب، بل يشعر المشاهدين بمعاناة أبطال القصة وأفراحهم. هذا التفاعل العاطفي يجعله تجربة فريدة من نوعها، حتى بدا دور السينما في تشكيل وتحليل المشاعر الإنسانية لا يمكن اغفاله.

وتلعب أهمية الأفلام دوراً كبيراً في تعبير الأفراد عن مشاعرهم وأفكارهم عبر الشخصيات والأحداث، فيمكن للأفلام تسليط الضوء على القضايا الاجتماعيَّة والنفسيَّة التي قد تمر بها الشعوب، فضلا عن أنها وسيلة فنية هامة للترفيه، وتفتح أيضاً بابا لنقاش تجارب الحياة الحقيقية. إنها تجعلنا نفكر ونتأمل في تجاربنا الخاصة عبر تسليط الضوء على تجارب الآخرين.

فيلم "حياة الماعز" مرآة لتجارب الهنود، إذ يُعد مثالاً قوياً على كيفية استجابة السينما للحقائق الاجتماعية، ليتناوله قصة الشاب نجيب محمد الهندي الذي عانى تحت كفالة الأعراب في صحراء الجزيرة. من خلال هذا الفيلم، يتم عرض التجارب القاسية والمؤلمة التي مر بها البطل نجيب، مما يجعله مرآة للتعذيب والقهر الذي قد يخوضه الأفراد على أيدي القساة.. وهنا يكشف الفيلم عن حياة الهنود الذين يغامرون بحياتهم بحثاً عن الثراء والعيش الكريم، فقط ليجدوا أنفسهم في ظروف مأساوية.

قصة نجيب الهندي الصعبة ومعاناته تحت كفالة الأعراب في قلب الصحراء، حيث تم سجنه ليكون راعياً للإبل والأغنام، هذا المشهد يُجسد الألم والحزن الذي عاشه، ويظهر معاناته من القسوة والفقد. رغم كل العذاب، يُظهر الفيلم أيضاً أملاً في النجاة والتضحية من خلال قصة صديقه الإفريقي الذي ضحى بحياته لانقاذه. قد تؤدي هذه التجربة إلى اظهار مدى قوة الروابط الإنسانيَّة، حتى في أحلك الظروف.

من المعروف أن السينما الهندية تتميز بقدرتها على كشف الظلم وتوثيق تجارب البشر بطريقة يَصعب عليك إهمال لحظة من المشاهدة، كما يُعد فيلم حياة الماعز مثالاً على كيفية استخدام السينما للتعبير عن ظلم الذي تعرضت له العمالة الوافدة، من خلال رواية قصص حقيقية. تُعبر السينما عن القضايا التي قد تظل غير مسموعة في مجتمعات معينة. حيث يوضح الفيلم كيف يمكن للسينما أن تكون وسيلة قوية للتغيير والوعي الاجتماعي.

من المهم التساؤل عن امكانية إنتاج أفلام جريئة مثل "حياة الماعز". وهل يمكن أن تلتزم السينما بكشف الحقائق والتعبير عن الواقع الاجتماعي القاسي؟ 

غالباً ما يواجه صناع الأفلام ضغوطات سياسية واقتصادية تؤثر في حرية التعبير. ومع ذلك، يمكن للأفلام الجريئة أن تلعب دوراً في تسليط الضوء على الآلام والمعاناة، ويمكن أن تؤدي إلى تغييرات إيجابية إذا ما تم تقديمها بشكل صحيح.

بعد مشاهدة فيلم "حياة الماعز"، قد يتأمل الفرد في النعم والامتيازات التي يمتلكها، من خلال مقارنة التجارب القاسية لنجيب مع حياتنا المعاصرة، هنا ندرك مدى أهمية الامتيازات التي قد نأخذها كأمر مسلم به، كما يساعد الفيلم في تذكيرنا بأهمية التقدير للنعمة التي نعيشها والرغبة في مساعدة الآخرين. وبالتالي، يصبح للفنون مثل الأفلام دور في تعليمنا وفتح أعيننا على الواقع الذي قد نجهله.