أنتج ليوناردو دافينشي بعضا من أكثر الأعمال الفنية شهرة في العالم، لكن الروايات التاريخية تظهر أنه كافح لاستكمال أعماله. وتشير الأبحاث الحديثة الى أن أفضل تفسير لعدم قدرة ليوناردو على انهاء المشاريع هو أن الفنان الكبير ربما كان يعاني من نقص الانتباه واضطراب فرط النشاط. 

اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو اضطراب سلوكي يتميز بالتسويف المستمر، وعدم القدرة على اكمال المهام، والتجول في العقل وتهدئة الجسم والعقل. على الرغم من أنه الأكثر شيوعا في الطفولة، إلا أنه يتم تشخيصه بشكل متزايد بين البالغين بما في ذلك طلاب الجامعات والأشخاص الذين لديهم وظائف مهنية ناجحة.  في مقال بمجلة برين يعرض البروفيسور كاتاني، المتخصص في علاج الحالات العصبية التنموية مثل التوحد و اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، الأدلة التي تدعم فرضيته، مستندا الى  الروايات التاريخية لممارسات وسلوك عمل ليوناردو. بالاضافة الى شرحه لمماطلاته المزمنة. فقد كان اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عاملا في ابداعه وانجازاته غير العادية عبر الفنون والعلوم. 

يقول البروفيسور كاتاني، من معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في جامعة كينجز: “مع أنه من المستحيل اجراء تشخيص للوفاة شخص عاش قبل 500 عام، إلا أنني واثق من أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هي الفرضية الأكثر اقناعا، والمقبولة علميا لشرح صعوبة ليوناردو في الانتهاء من أعماله. اذ تظهر السجلات التاريخية، أنه قضى وقتا طويلا في التخطيط ولكنه كان يفتقر الى المثابرة.”  

كانت صعوبات ليوناردو في التمسك بالمهام منتشرة منذ الطفولة. وتظهر الروايات من سيرة المعاصرين، أن ليوناردو، كان دائما في حالة تنقل، وغالبا ما كان يقفز من مهمة الى أخرى. 

ومثل العديد من الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، كان ينام قليلا جدا ويعمل ليلا ونهارا بشكل مستمر من خلال تبديل دورات سريعة من القيلولة القصيرة والاستيقاظ. والى جانب تقارير عن السلوك الخاطئ والمشاريع غير المكتملة من زملائه الفنانين والرعاة، بما في ذلك البابا ليون العاشر، هناك أدلة غير مباشرة تشير الى أن دماغ ليوناردو تم تنظيمه بشكل مختلف مقارنة بالمتوسط. لقد كان أعسرا، ومن المرجح أن يكون لديه عسر القراءة ولديه هيمنة على اللغة في الجانب الأيمن من دماغه، وكلها شائعة بين الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وربما كان الجانب الأكثر تميّزا في عقل ليوناردو هو فضوله الشرس الذي دفع كل من ابداعه وصرف انتباهه أيضا. 

ويقترح كاتاني أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يمكن أن يكون له آثار ايجابية، على سبيل المثال، يمكن للتجول في العقل أن يغذي الابداع 

والأصالة. 

ومع ذلك، على الرغم من أن هذه السمات مفيدة في المراحل الأولية للعملية الابداعية، فيمكن أن تكون عائقا عندما تتحول الفائدة الى شيء آخر.يقول كاتاني:”هناك اعتقاد خاطئ سائد بأن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه نموذجي لسوء تصرف الأطفال ذوي الذكاء المتدني المخصص لحياة مضطربة. 

وعلى العكس من ذلك، فان معظم البالغين الذين أراهم في عيادتي كانوا أطفالا مشرقين وبديهيين ولكنهم يعانون من أعراض القلق والاكتئاب في وقت لاحق من العمر لفشلهم في تحقيق 

إمكاناتهم. إنه أمر لا يصدق أن ليوناردو اعتبر نفسه شخصا فشل في الحياة. آمل أن توضح حالة ليوناردو أن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط غير مرتبط بانخفاض معدل الذكاء أو قلة الابداع، بل بصعوبة الاستفادة من المواهب الطبيعية. وآمل أن تساعدنا تركة ليوناردو في تغيير وصمة العار المحيطة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.” 

 

   عن ساينس ديلي