كتب رئيس التحرير :
قَدرُ العراق ـ جغرافياً وتاريخياً وسياسياًـ وضعه في عين العاصفة على مرِّ الأزمان، ودفع لقاء ذلك القدر كثيراً من الأثمان، بعضها كان مصيرياً وكاد يصل إلى حدود الكارثة، كما حدث قبل عقد من الزمن حين أملت المعادلات الدوليَّة والإقليميَّة على العراق أنْ يُصبح مسرحاً لعصابات إرهابيَّة مجهَّزة بالعدَّة والعدد للإجهاز على كيانه وهويته.
انتصر العراق في ذلك التحدّي التاريخي، لكنَّ المعضلات لم تنتهِ، فنحن في منطقة ليستْ صلبة سياسياً، وفيها بل في قلبها تماماً زُرِعَ كيانٌ منذ 76 سنة أدّى الدور المنوط به بامتياز، فعطّل مقدرات الدول وهدَّد كياناتها وأرهب شعوبها وأرجأ كلَّ محاولة للتنمية والاستقرار فيها، وها هو اليوم يكشف عن نواياه التدميريَّة الهادفة إلى فرض هيمنته واستعباد كلِّ الدول المحيطة به.
وطننا العراق اليوم كما في كلِّ مرَّة في عين عاصفةٍ مفروضة عليه، فهو أمام تحدٍّ لا يقلّ خطراً وصعوبة عن تحدّي مجابهة الإرهاب.
السيناريو العراقيّ الذي أخرجنا من أزمة داعش الإرهابيّ كان يتضمَّن ثلاثة عناصر رئيسة: موقف المرجعيَّة الحاسم، وتكاتف شعبيّ كبير ومعادلة سياسيَّة تؤجِّل خلافاتها وتضع الوطن نصب عينيها. وهو السيناريو الوحيد القادر على إخراج العراق من هذا التهديد الذي فرضته علينا أقداره. فموقف المرجعيَّة كان واضحاً جلياً في هذا الصدد ورسم خارطة طريق للتعاطي مع الأزمة، والتكاتف الشعبيّ في التعاطف القلبي والعملي مع أشقائنا الفلسطينيين واللبنانيين كان في غاية التميّز بشهادة العالم. والمعادلة السياسيَّة التي دأبت الحكومة على صياغتها تعمل هي الأخرى لتكريس فهم يضع العراق، وطناً وشعباً ودولة، فوق كلِّ اعتبار.
العراق الذي خرج سالماً من كلِّ العواصف، قادر على أنْ يجتاز
هذه العاصفة.