بغداد: شكران الفتلاوي
تشهد مشاريع المدن الصناعيَّة في البلاد تأخرًا ملحوظا، رغم أهميتها في إحداث تحولات نوعيَّة في التنمية المستدامة، وجذب الاستثمارات، وتوفير فرص عمل جديدة تدعم القطاع الاقتصادي بشكل كامل.
وارتفعت فاتورة الاستيراد من الخارج لتقرب من (70) مليار دولار سنوياً، فيما يرى مختصون أن حل تلك المشكلة يكمن في إنجاز المدن الصناعية كونها ستفعل الاقتصاد الصناعي.
وتعرف المدينة الصناعية بأنها منطقة مخصَّصة لغرض التنمية الصناعية، وتتواجد غالبًا المناطق الصناعية في الأطراف، أو خارج المناطق السكنية الرئيسة لبلدةٍ ما، بحيث تتوافر فيها وسائل المواصلات مثل الطرق والسكك الحديدية.
ويواجه الاقتصاد العراقي في الوقت الحاضر (تحديات كبيرة) بسبب الاعتماد الكلي على النفط في ظلّ تقلبات الأسعار العالمية وتأثيرها في الموازنة العامة وخطط التنمية.
وذكر الخبير في الشأن الصناعي باقر كاظم المشاط، لـ «الصباح»، أنَّ «تطبيق نموذج المدن الصناعية في البلد سيكون الأساس في تفعيل ما يسمى (الاقتصاد الصناعي)، مشيراً إلى أنَّ المدينة الصناعية الواحدة تستوعب بين (1000) إلى (3000) عامل بمختلف الاختصاصات».
وأضاف أنَّ «المدن الصناعية، غالباً ما تتوزع وترتبط مع ما تمتلك تلك المحافظات من موارد وإمكانات لأجل منحها صبغة صناعية تكاملية مع باقي المدن»، موضِّحاً أنَّ «البلد بحاجة إلى نحو (30) مدينة صناعية موزعة بين المحافظات والتي من شأنها أن تمنح موارد اقتصادية للمحافظة مع تفعيل حركة التجارة التي تنعكس إيجاباً على المحافظة». وأشار إلى أنَّ «المدن الصناعية بحاجة إلى تهيئة البنى التحتية لإنشاء المصانع من أرض وكهرباء ومياه وشوارع رئيسة وفرعية وخدمات عامة، حتى تخدم مجموعة كبيرة من المصانع التي سيتم إنشاؤها من قبل المستثمرين الصناعيين المحليين والأجانب».
وكشف المشاط عن وجود عدد من النماذج للمدن الصناعية منها الشاملة، التي تعمل فيها مصانع مختلفة، يرافق ذلك المدن المتخصِّصة بإنتاج محدَّد بالاعتماد على المواد الأولية في المحافظات التي يتم إنشاؤها بالقرب منها».
وأشار إلى أنّ «أقرب مثال على ذلك إنشاء مدينة صناعية لـ(البتروكيماويات) بالقرب من مصادر المياه والنفط الخام وكذلك مدينة صناعية لـ(الإسمنت) بالقرب من المناطق الكلسية»، موضِّحاً أنَّ «نموذج المدن الصناعية في العراق بإمكانه تقديم نقلة نوعية للصناعة العراقية كونها ستوفر الإجراءات التعاقدية للإجازة والأرض والموافقات البيئية والبلدية».
من جانبه، بيَّن الباحث في الشأن الاقتصادي جاسم العرادي، لـ» الصباح» أنَّ المدن الصناعية تُعدّ من مرتكزات التطوير الصناعي في أي بلد، بعد نشر ثقافة التعريف بالمدن وتهيئة عناصر الجذب، مع مراعاة الحلول التي من شأنها التقليل من المخاطر البيئية والصحية، لافتاً إلى ضرورة العمل على إعادة رسم التصميم الأساس للمدن الصناعية.
وأشار إلى أنَّ اعتماد هذا التوجّه بحاجة إلى العمل على إيجاد آليات تضمن توفير الحماية الكافية لمنتجات المشروعات الصناعية الخاصة المحلية بمعنى «حماية المنتج المحلي» من منافسة المنتجات الأجنبية المستوردة، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة أن تكون الاستيرادات مكملة لإنتاج المشروعات المحلية.