مادلين عيسى: علينا أنْ ننتجَ رسوماً ترُضي ذائقة الطفل

منصة 2024/10/21
...

 سامر أنور الشمالي 

بدأت رسومات الأطفال تأخذ المساحة التي تستحق من الاهتمام بعدما بدأ النشر في 

كتب الأطفال يحقق حضورا في معارض الكتاب العربي. والفنانة مادلين عيسى من أشهر رسامات الأطفال في سوريا، وقد عملت مع الكثير من دور النشر في الوطن العربي، وبعض دور النشر 

الأجنبية لاسيما في اليابان. 

• لم يعد عالم رسوم الأطفال بالبسيط، فقد ظهرت فيه أساليب عدة، وأنت تخصصت في مجال رسوم (المانغا) بماذا يتميز هذا النوع من الرسم عن غيره؟ 

- (المانغا) كلفظ يدل على القصص المصورة التي تنتج داخل اليابان أو خارجها. لكن بأسلوب ياباني، وهي بذلك تشبه غيرها من القصص المصورة من حيث سرد القصة على لسان الشخصيات. أما أهم ما يميزها فهي أنها ليست موجهة للأطفال بالضرورة، بل لكل فئات المجتمع. وتتنوع تصنيفاتها بحسب العمر، والموضوع المطروح، وأسلوب الرسم. لكن أهم تصنيف لـ(المانغا) يكون حسب الفئة العمرية، ويمكن أن نميز  خمسة أنواع: أولها النوع المسمى (كومودو) وهي موجهة للأطفال من عمر التاسعة فما دون، وتتحدث القصص في مجملها عن قيم تربوية وتعليمية. والنوع الثاني (الشونن) وهي التي تستهدف الفئة العمرية  ما بين 13 و 18 سنة ويكون بطل القصة ولدا أو مجموعة أولاد يشتركون معا لتحقيق هدف معين، وفي هذا النوع من المانغا نجد التشويق، والعمل الجماعي في سبيل تحقيق الأهداف، ودائما النهاية مشرقة. النوع الثالث (الشوجو) من عمر 13 إلى 18 سنة لكن البطولة مؤنثة، وهذا النوع يعنى بأمور الفتيات مثل الحياة المدرسية، وأحيانا الموضوعات الرومانسية، والنهايات تكون مشرقة وسعيدة. إذا كلا النوعين (الشونن) و(الشوجو) لليافعين، والهدف السامي لمثل هذه المانغات تعليم الناشئة أن لا شيء مستحيل مادمنا نملك الإرادة. النوع الرابع (لجوسي) يستهدف شريحة النساء البالغات اي فوق 18عاما، موضوعاتها تركز على المشكلات التي تواجه المرأة سواء من ناحية العمل، أم الحياة اليومية، و تربية الأطفال، والزواج والحب. أما النوع الخامس (السنن) وهي المانغا الموجهة للرجال من عمر 18 عاما فما فوق، وتلقي الضوء على كل ما يهم الرجال كالرياضة، والسياسة، والقصص البوليسية وقصص الرعب. ولا بد من الإشارة إلى أن (المانغا) ترسم بالأبيض والأسود، ولهذين اللونين أهمية كبيرة في اِبراز سمة المانغا، فكلما زادت المساحات السوداء دل ذلك على سوداوية المانغا، وكلما مالت الخطوط للنعومة وزاد البياض دل على أن المانغا حالمة ورومانسية. وثمة اساليب في (المانغا) تعتمد الألوان كركن أساسي في العمل. ايضا المانغا تقرأ من اليمين لليسار حتى لو لم تكن باللغة اليابانية.


• نلحظ في رسوم الأطفال شيوع أساليب عدة مثل الأسلوب الياباني، والأسلوب الأمريكي المتمثل بأسلوب (والت ديزني) لماذا لا يوجد أسلوب عربي في الرسم للأطفال؟ 

- ظهرت على الساحة العربية أعمال لفنانين كبار استطاعوا أن يبتكروا أسلوبهم الخاص والجميل، أذكر على سبيل المثال الفنان المتميز (ممتاز البحرة) الذي تربى على رسومه جيل كامل. وهناك تجارب كثيرة اثبتت أنها جديرة بالاهتمام لكنها بقيت حالات فردية لم ترتق لتصبح أسلوبا جامعا يؤسس لمدرسة فنية عربية، وذلك دونه أسباب كثيرة. ومن جهة أخرى أغلب دور النشر تفضل عدم المغامرة في نشر أساليب جديدة،  والاعتماد على المدارس الناجحة كديزني أو المانغا. أيضا تهميش مادة التربية الفنية في المدارس، لذلك فإن فنان المستقبل هو فنان صنع نفسه بنفسه.


• لو كنت صاحبة مشروع لابتكار أسلوب عربي في الرسم للأطفال.. ماذا ستكون أهم سماته برأيك؟ 

- أي مدرسة فنية تحتاج إلى تراكم الخبرات الفنية خلال العديد من السنوات، حيث تعود جذور كلتا المدرستين (ديزني) و(المانغا) إلى القرن التاسع عشر، ومازلوا يراكمون الخبرات إلى يومنا هذا. لذا حلمنا أن يكون لنا أسلوبنا الخاص القادر على المنافسة والاستمرار ويحتاج إلى وقت. لكن بالمجمل أستطيع القول إن أهم سمة هي جمال اللوحات  بعيدا عن الرسم العشوائي غير المهذب من حيث الكتل والتشريح. لن أقول إن على الرسام أن يرسم شخصيات قريبة من الواقع كما في (المانغا) لكن لا بأس من أن تكون الشخصيات جميلة وقريبة من القلب، وبألوان متناغمة ومنسجمة، فالطفل يتذوق الجمال ويعرف ماذا يريد. عندما اصطحب أطفالي إلى المعارض والمكتبات لا يختارون القصة  على نصها في البداية لأنهم لم يقرؤوها بعد، وإنما ينظرون الرسوم التي تحتويها ويقارنون أيها تحتوي أجمل رسوم،  وعلى هذا الأساس يكون الاختيار، فالطفل يتذوق الرسم قبل النص. بالمختصر.. علينا أن ننتج رسوما ترضي ذائقة الطفل الفنية، بحيث يكبر على أرشيف بصري جميل وجذاب، بعيدا عن الرسم المبتذل بحجة أن الطفل لا يهمه سوى اللون.


• ما الصعوبات التي يواجهها رسام الأطفال في الوطن العربي؟ 

- أولها الاستغلال الذي يتعرض له الفنان خاصة في بداية مشواره الفني، فالفنان يقدم عمله دون أن يكون هناك ضمان حقيقي لاستيفاء حقه، وأغلب دور النشر ترفض توقيع عقود يستطيع الفنان من خلالها مقاضاة الجهة التي استغلته. بالإضافة إلى الأجور الزهيدة التي تعرضها دور النشر على الرسام والتي لا تتناسب مع غلاء أدوات الرسام سواء أكان يرسم يدويا أم رقميا، فالرسم الورقي يحتاج إلى أوراق ذات جودة جيدة، وأقلام تحبير، وفرش، وألوان، وكلها مستوردة وبالتالي فأسعارها غالية. وأما الرسم الرقمي فيحتاج حاسبا وقلما ضوئيا، أو جهازا لوحيا خاصا بالرسم، بالاضافة إلى البرامج المختصة بالرسم والتي يجب أن يتعلمها بنفسه. أيضا الانترنت لعب دورا مزدوجا، فمن جهة أمن كل ما يلزم الرسام من دروس تعليمية، وبرامج، ومن جهة أخرى أصبح الجميع يرسم بسبب وجود المكتبات الإلكترونية حتى لو لم يتمتع الرسام بحس فني أو موهبة، وأصبح يزاحم الفنان على الأعمال والأجور.