غيداء البياتي
كثيرة هي المواقف والظروف التي مررت بها خلال تعلمي في مدرسة الحياة، والتي جعلتني أعيد النظر بمواقفي وإن كنت لم أعد النظر بقناعتي، فعلى مدى 48 عاما من العمر ما توقفت فيها الرحلة يوما، ولم تمنح نفسها استراحة طريق، حيث كانت زوادة السفر محمولة على ظهر جواد أنهكه الجري، لكنه ظل يواصل الركض بصاحبه، الذي ما كان أفضل حال من فرسه، كلاهما يعبران المحنة بصعوبة، وكلاهما يكابران التعب، ابتداء من مرحلة المهد والمحاولات الاولى في التعلم، ثم مرورا وصاعدا بمراحل المراهقة والشباب والاستطلاع والتقصي؛ والتعلم لا يزال مستمرا في مدرسة الحياة الكبيرة، كل هذا واليوم اكتشف مستغربة أن النصيب الاكبر وحصة الأسد من معرفتي بالحياة، كانت من نصائح الوالد -رحمه الله- فهو غالبا ما كان يقول لي ولكل أخوتي «استشيروني قبل أن تفقدوني» .
الحق كنت أستشيره في أكثر الأمور صعوبة، ومنها طريقة معاملة الآخرين خاصة عندما يعاملني أحد الأصدقاء بجفاء دون سبب يذكر، فأسأله هل أن الحياة معادلة حسابية، أم هي مزيج من الأشياء الصماء؟ كان والدي صاحب الخبرة الطويلة يلف ويدور بالإجابة، لكنه يزعم اخيرا بأن الحياة أكبر من ذلك، بل وأنها أقصر بكثير! لم أكن أفهم لكنه في كل مرة يؤكد لي أن أعامل الناس، كما أحب أن يعاملوني لا بمثل ما يعاملونني فأخسرهم، وأذكر أنه كان يقول «الاحترام في التواصل تربية وليس ضعفا».
واليوم أتمنى أن أكون قد اتخذت القرار الصواب في اختياري لمنهج معاملة الآخرين كما أحب أن يعاملوني، خاصة نحن نتأرجح في الحياة ما بين رحلة غياب وحضور، فعلينا أن نحسن التعامل مع الآخرين لأن أفعالنا، تعكس حقيقة أنفسنا لا دواخل بعض الأشخاص الدونيين من حولنا، ولنكن أفضل منهم لا مثلهم، فنصبح كواحد منهم بسوئهم وقليل أصلهم.
ولأني أتقصى دائما عن أقوال المشاهير شد انتباهي جواب الزعيم الروحي للهند «مهاتما غاندي»، عندما سألوه عن أهم الاجوبة لـ»22» سؤالا في الحياة كان واحدا منها :» اذا طبقت مبدأ العين بالعين سيصبح العالم كله أعمى» .