وليد خالد الزيدي
من بين أهم ركائز النجاح في العملية التربوية، وضع أسس التنشئة المجتمعية السليمة لاسيما الجانب الاخلاقي واهميته الكبيرة في إرساء أسس الإحساس بالمسؤولية لدى المتعلمين وغرس مفاهيم الأمانة في التصرف والسلوك السوي والابتعاد عما يضع العراقيل في طريق التنمية الشاملة وعلى مستوى البناء الأسري، الذي يعد الأساس في بناء المجتمع وتقوية أواصره وتنمية علاقات ناجحة بين جميع أفراده،
بعيدا عن السلوكيات المنحرفة والتصرفات غير المسؤولة، ولهذا عمدت وزارة التربية الى وضع كتاب الاخلاقية كدليل منهجي بمفردات واضحة ومهمة تنطوي على قدر كبير من الأهمية والأسس التربوية، لكي تعضد البناء الفكري للمتعلم بأسس تطبيقيه واعدة، لا سيما في بداية المراحل الدراسية لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية الاولى وطلبة المرحلة المتوسطة الأولى، حتى يتكون لديهم أساس سليم ومنهج قويم لعلاقات اجتماعية رصينة وسلوكيات حصينة لبناء قيم التسامح والتعاون والامانة والحب بين الناس، فضلا عن تطوير ثقافتهم وسمو أفكارهم بمفاهيم صحيحة من شأنها أن تسهم في الارتقاء بالاداء التربوي الى ما يساعد في تنمية الفرد وبناء شخصيته وتطوير قابلياته الذاتية من جهة، ويعزز تنشئة جيل واع يسهم في البناء الوطني من جهة أخرى.
بناءٌ روحي
إقدام وزارة التربية على هذا الاجراء إنما يأتي تماشيا مع الواقع، الذي يعيشه مجتمعنا في ظل المتغيرات المتسارعة من الأفكار والتعرف على ثقافات مكتسبة قدمت الينا كالبرق من مناشئ أخرى وتلك القضية بحد ذاتها تعد سلاحا ذا حدين، فهناك من يعتبر أن الثقافة المكتسبة من مجتمعات متطورة في جوانب حضارية معينة، هي حالة سليمة ومطلوبة وفي ظل التطور العلمي والتقني والانفتاح الاعلامي الدولي، وهناك من يعتبر تلك الثقافة إنما دخيلة على مجتمعنا وغريبة عن عاداتنا ومخالفة لتقاليدنا، وهي انعكاس لحضارة مجتمعات أخرى تربت على أنماط حياتية، ليست بالضرورة أن تلائم ما ورثناه من بناة حضارتنا، التي كانت وما زالت تلهمنا البناء الروحي والتماسك القيمي، الذي جعلنا نشعر بشخصيتنا الوطنية ونبرز هويتنا الثقافية ونتمسك بانتمائنا لمجتمع كان وما زال محط اعتزازنا بالانتساب إليه والعيش تحت سقفه، الذي نعمل جميعنا على أن يكون قويا لا يهدم أبيا لا يهزم، فنحن أول من أسس المدارس وربى فيها الأجيال وتخلق بأخلاق تطورت فيها أنماط الحياة، لترفع الإنسان وتسمو به ليحيا بكرامة ويعيش بعزة وإباء.
صفاتٌ حميدة
مفردات منهج الأخلاقية تؤكد حسن الخلق، ليكون المرء لأن الجانب طليق الوجه طيب الكلمة، تدوم محبته بين الناس تكثر حسناته تقل عثراته تترسخ مودته تلين له الأفئدة، وهنا لا مناص من تعضيد هذا الاجراء، ليكون كل متعلم في دور العلم حسن الخلق تلطف معاشرته تحسن محادثته والعباد منه في أمان والناس منه في سلام، لكي يكون وفير الخير، لا سيما في مجتمعنا العراقي، الذي شهد تحولات كبيرة في التعاطي مع الأحداث المعاصرة ومجريات الأمور وتقلباتها، فنحن اليوم أكثر من نحتاج إلى النماذج الحسنة، ليكون الفرد بيننا جواد العطاء، كنخيل العراق وأرف الظل عريق الأصل.
الشعور بالمسؤوليَّة
تقمص الشخصية الاخلاقية تختلف من شخص لآخر ومن متعلم لمتعلم ثان، ومع أن تلك القضية لا تغيب عن معشر الفضلاء رجال العلم ومربي الأجيال، لكن لا بد من التسليم أن العلم والأخلاق يجب ألا يفترقا والاستثمار فيهما، يدفع بأفضل الفوائد، فهما ينبوعان دائمي الجريان، نحو الفضيلة ومبادئ الإنسانية، لذا تضمنت مفردات منهج الأخلاقية أهمية تعلم الفرد شعوره بالمسؤولية التضامنية، بدءًا من التهذيب الذاتي وإحساسه بأهمية البناء السليم لشخصيته، ومن ثم الانطلاق نحو التعاون الأسري، وصولا إلى بناء علاقات قويمة وروابط مستقيمة مع جميع أفراد المجتمع، ليكون النجاح أكثر سعةً وأعلى سموا وأعم فائدة، وليشعر كل متعلم بأنه جزء مهم فيه وركنٌ أساسٌ في محطات المسيرة الطويلة، نحو المستقبل، الذي ينشده لنفسه ولأهله وللمجتمع، الذي ينتمي إليه.