ياسر المتولي
أنهت قمة مجموعة بريكس اجتماعها الـ 16 الأسبوع المنصرم في روسيا، هذه المرَّة بمشاركة أكثر من 32 دولة ممثلة برؤسائها ومنظمات عالميَّة.
وتكتسبُ قمَّة بريكس أهميتها هذه من خلال توسع التكتل بانضمام أربع دولٍ جديدة حيث بلغ 9 دول، وهي مصر وإيران والإمارات المتحدة واثيوبيا، وهناك طلباتٌ كثيرة للانضمام منها تركيا، ماليزيا وتايلاند، واللافت أنَّ السعوديَّة لم تشارك في هذه القمة كي لا تخسر علاقتها مع أميركا وكل بلدٍ يسعى وفقاً لمصالحه.
وتجد روسيا هذا الحدث فرصة لكسر عزلتها جراء العقوبات الأميركيَّة في أعقاب حربها مع أوكرانيا.
تجدر الإشارة الى أنَّ مجموعة بريكس تمثل 45 بالمئة من حجم سكان العالم وتشكل نسبة 35 بالمئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي وبذلك تعدُّ من أهم محركات الاقتصاد العالمي والقاطرة التي يعول عليها في قيادته لكسر هيمنة أمريكا على النظام المالي العالمي.
وتلتقي طموحات هذه الدول في عدم الرضا عن النظام المالي الحالي الذي تتحكمُ به أمريكا، لكنَّها تتباين آراؤها في طبيعة استهداف هذا النظام بين من يريد تحسينه كالهند ومن يريد نسفه كروسيا ومن يريد التسيّد على النظام الجديد كالصين.
وتسعى مجموعة بريكس ضمن أهدافها المعلنة لتأسيس نظامٍ ماليٍ جديدٍ موازٍ للنظام القائم، وكذلك إيجاد نظام مدفوعات بديلٍ عن نظام سويفت المهيمن على التعاملات العالميَّة.
ولعلَّ الخطوة المهمَّة هي تجربة إنشاء بنك التسويات الدوليَّة بين الصين والإمارات وتايلاند، إذ تسير المعاملات على نحوٍ أسرع وبكلفٍ أقل بعيداً عن تعقيدات وهيمنة نظام سويفت الذي يقوده صندوق النقد والبنك الدوليان، وتعدُّ خطوة الى الأمام باتجاه تحقيق بنك أهدافها المستقبليَّة . في المقابل تسعى روسيا الى خلق بورصة لتجارة الحبوب وإنشاء وكالات تصنيف إئتماني خاصٍّ بالدول الأعضاء وهذا هدفٌ صعبُ المنال حالياً .
أما إصدار عملة موحدة فلا يزال يواجه صعوباتٍ، وخصوصاً تحفظات الهند لعدم التكافؤ بين اقتصادات الأعضاء.
وتسعى الصين الى تكريس أهداف ومضمون بنك التنمية الجديد لدعم الاقتصاد بعيداً عن التدخلات في سياسات الدول على عكس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
يتضح لي كمتابعٍ لهذا الجانب هو أنَّ المجموعة تحاول تحقيق أهدافها، لكنَّ المعطيات تشير الى أنَّ النتائج تسير ببطء.
والسؤال الذي يبقى مطروحاً هو: كم من الوقت تحتاج المجموعة لتحقيق أهدافها؟
والجواب بحسب رأيي المتواضع مكفولٌ بما ستؤول إليه الأحداث العالميَّة التي تنذر بوقوع حربٍ عالميَّة ثالثة لا فائز فيها ولا خسران، إنما تفضي الى الجلوس على مائدة المفاوضات.
فهل ستختصر الدول هذا الحدث باستخدام فطنتها لتلافي وقوع الحرب؟
نراقب لنرى.