التشكيل واللون في أعمال الخزاف علي قاسم حمزة

ثقافة 2019/06/25
...

فهد الصكر
في الرؤى اللونية التي تتواشج تشكيلاتها في تمثلات الخزف الحديث، يتشكل اللون حدثاً وذاتاً مكملة لموضوعة الرؤيا التي يعمل عليها الفنان – الخزاف.
ولم يكن اللون واحداً كما اعتاد الخزاف العراقي تحديداً أن يعمل عليه، بل تعددت تمفصلاته داخل تشكيلة ووحدة الموضوع، وربما قاعدته أو الشكل المراد عمله، وصولا الى الرسالة التي رسمها الخزاف لأعماله.
هذه المعطيات أصبحت جلية بمفهوم تشكلات ما بعد الحداثة التي تصافحت بسلام مع الفن الخزفي خصوصاً لدى الشباب من الخزافين غير الحرفيين، أي من الذين يمتلكون أدواتهم المعرفية بوعي خالص من خلال قراءات سليمة الاتجاه والوعي والفكر الفني، بعيداً عن الفوضويَّة في تشكيل رؤاهم، ووفق فلسفة منتظمة تصب في منهاج دراستهم التطبيقيَّة، وتخدم بالنتيجة الفاعلة تأثيراً لتجاربهم في فن الخزف الحديث.
وهذا اقترن ومن خلال متابعتي لأعمال الفنان الشاب علي قاسم حمزة، وهي أعمال تحمل أكثر من جمالية خزفية تسحب المتلقي الى واحة واسعة من التأمل في فلسفته اللونية، وحداثة طروحاته التشكيليَّة، خزفاً ذاً أبعاد قد تتخذ شكل (النصب) لو منحت شكلاً أكبر، ورغم حداثة عمره الفني إلا أنه استطاع أنْ يلفت النظر إليه والى أعماله خلال سني دراستي الأكاديمية ومشاركاته في المعارض المشتركة، ونيله المراتب الأولى بين زملائه من الخزافين لعمق مفاهيم طروحاته الخزفية لما تمتلكه من عمق قد لا يصل اليه النقاد بيسر في تشريح مادته الموضوعية.
وما يحسب ايضا للخزاف علي أنه يشتغل بروح تراثية تختلف تماماً عن مجايله من الخزافين، فهو يغوص في القاع التي لم تكتشف كـ “صورة بصريَّة”، مانحاً إياها بعداً حداثوياً، هو يشغل المتلقي للتأمل وطرح الأسئلة.
هي حكايات “طينيَّة” تستمد قوتها من الموروث الموغل في التاريخ، تحاكي أسطورياً “سومر وبابل وآشور” لتستعيد لنا، وتستحضر ما ضاع من مقتنيات، ولكن بلغته ورؤاه العصريَّة.
وهنا ممكن القول يقينا إنَّ أعمال علي قاسم وإن كانت منها (التعبيرية والرمزيَّة) تمتاز بروح جمالية تتجاوز المعنى التقليدي لهذه المدارس الفنية، ربما بحركاتها والتواءاتها وحتى فراغاتها، كمنحوتات “بصرية “ تحتاج الى مكان وفضاء كبير لتصويرها عبر بعد رؤيوي بامتياز.