بغداد: سرور العلي
عادة ما يتأثر المراهقون والشباب بالشخصيات المحيطة بهم، ومع التطور الكبير الحاصل في التكنولوجيا، واستحداث تطبيقات ومنصات كثيرة في السوشيال ميديا، أصبح التوجه أكثر على ما يظهر فيها من مؤثرين وصناع محتوى، لينقاد البعض لها، والتأثر بحياتهم ويومياتهم بشكل سلبي أو إيجابي.
ترى المعلمة سرى غسان بأن المشكلة اليوم تكمن في التقليد الأعمى لتلك الشخصيات، ليتعدى الأمر مرحلة تقليد ثيابهم وغيرها، إلى التأثر فكرياً بهم، ما يجعل المراهق يغير من عاداته وقيمه التي اعتاد عليها، ليصاب لاحقاً بالتوتر والتشتت في قناعاته، ويظهر ذلك سلباً في تراجع مستواه التعليمي، وأحياناً الإنطواء والانغلاق في دائرة العالم الافتراضي وشخصياته، إضافة إلى أن بعض المراهقين يقومون بتقليد حياة المشاهير بأزيائهم، وما يمتلكونه من سيارات فارهة، ليرهق ميزانية أسرته بكثرة المتطلبات وزيادة القدرة الشرائية، كما أن هناك من يتأثر بالسلوكيات العنيفة والعدوانية لبعض مؤثري الألعاب الإلكترونية، كلعبة "البو بجي"، أو تقليد حركات معينة يؤديها هؤلاء في هذه المواقع، فيتعرض المراهق أو الشاب للأذى وربما فقدان حياته.
وأضافت "من الضروري فهم احتياجات المراهق ومرحلته العمرية، وما يمر به من مشكلات وتغيرات، وبناء أساس قوي له منذ الطفولة، بالتربية الصحيحة والسوية، وأن تكون له شخصيته الخاصة بعيداً عن التأثر بالآخرين لاحقاً، وملء وقت فراغه بالهوايات وتنمية مواهبه، والقيام بالأنشطة المفيدة كممارسة الرسم والموسيقى والرياضة، وإعطاؤه الأهمية باتخاذ القرارات، ليشعر بقيمته وتعزيز العلاقة بينه وبين والديه، ليصبحا له القدوة والمؤثر الأول في حياته، للحد من اتباعه للآخرين وسلوكياتهم، كذلك من الضروري التوجيه الصحيح له حين يشاهد أحد مؤثري السوشيال ميديا، وتنبيهه إن كان يفعل أموراً خاطئة ويجب تجنبها".
وأشار الطالب الجامعي علي محسن إلى أنه ينبغي للشباب أن يتأثروا بالشخصيات الإيجابية في مواقع التواصل الاجتماعي، لتطوير قدراتهم ومهاراتهم في مجالات مختلفة، كالفن والتكنولوجيا والتقنيات والطب والإعلام، ما يجعلهم أكثر نضجاً ووعياً وتحملاً للمسؤولية، وليكونوا قادة المستقبل، والعمل على تحقيق طموحاتهم، كافتتاح المشاريع التجارية. ولفتت زميلته فاطمة أحمد إلى أن بعض شخصيات الميديا تركز على الجانب المادي، وطريقة الكسب وجني الأموال من خلال المشاهدات العالية، حتى لو كان ذلك على حساب محتوى غير هادف، ويتضمن الكثير من السلبيات، ما يدفع العديد من المراهقين لتقليدهم من دون وعي، لا سيما أن نسبة المشاهدة ترتفع على المحتوى الذي ينتقص من الآخرين بشكل فكاهي، وهو جانب آخر لاتساع ظاهرة التنمر، من دون مراعاة واحترام للمشاعر.
وتحرص ضحى عدنان (طالبة في الثانوية)، على ألا تتأثر بمشاهير السوشيال ميديا، فتذهب بين فترة وأخرى مع والدها لشراء الروايات والكتب، وقضاء وقت الفراغ أثناء العطلة الصيفية بالقراءة، وكتابة قصص الأطفال، والاهتمام بالبرامج التعليمية والتثقيفية،
التي تسهم بزيادة وعي الشباب، والحد من انتشار المحتوى غير الهادف.
د. عبد الكريم خليفة، باحث اجتماعي ونفسي أوضح "خطورة المراهقة، كما يرى العالم ستانلي هول فهي مرحلة عاصفة ومتوترة، ولاحظ الكثير من العلماء حين قاموا بدراستها بأن هناك جانباً منها يسمى بـ "عبادة البطل"، وهي تأثر المراهق بشخصيات فنية أو رياضية أو دينية أو حتى في السوشيال ميديا، ومن سلبياتها أنه يتقمصها بسلوكياتها، وحتى بجوانبها السيئة، ومع مرور الأيام يشعر أن شخصيته قريبة من هؤلاء، لذلك علينا أولاً خاصة المؤسسات الإعلامية، أو الجهات التي تراقب تلك الوسائل أن نقوم باسقاط الشخصيات السلبية، وضرورة نبذها عن طريق التوجيه الإعلامي، والحث على رفضها ومعاقبتها من قبل الجهات المختصة، كذلك من المهم أن تقوم الأسرة بدورها بمتابعة أبنائها، خاصة فئة المراهقين بتحديد مدة زمنية لهم لاستخدام الهواتف المحمولة، وتخصيص بعض الشخصيات المهمة والإيجابية لمتابعتها، وتعلم الأمور النافعة وذات الأهمية منها، كما نلاحظ اليوم بأن الشخصيات السلبية أخذت حيزاً كبيراً في العالم الرقمي، وزيادة اللقاءات التلفزيونية معها، ما يؤثر بشكل سيئ في الشباب والمراهقين، الذين يحتاجون إلى وعي وتثقيف، ومنع هذه الشخصيات من الظهور، وبذلك يتم إعطاء حصانة لأبنائنا، لأن الاسقاطات الموجودة في مرحلة المراهقة يختزنها المراهق من دون شعور، وتظهر بشكل تحفيزات عند النضج، ليجعل من سلوكه غير مقبول وشاذ، ولا يتطابق مع المجتمع وبيئته، والمنظومة القيمية.