غيداء البياتي
في وقت تتصادم فيه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، تقف المرأة وسط عاصفة من التحديات. وليس العنف المنزلي سوى أحد أوجه المعاناة اليومية، سواء كان جسدياً أو نفسياً أو حتى جنسياً. ولكن هذا ليس كل شيء، فهناك من يتم حرمانهن من حقوقهن البسيطة مثل العمل والتعليم. وقد تستسلم بعض النساء لواقعهن، متشبثات بالأمل رغم الجراح. لكن أخريات لا يقفن مكتوفات الأيدي، بل يثورن وينتفضن، متحديات كل القيود الاجتماعية، حتى لو كان الثمن قلباً مكسوراً.
ففي حديث أملته المصادفة مع إحدى الزميلات تطرقت فيه إلى قصة شقيقتها التي اضطرت إلى التخلي عن ابنتيها بعد أن عجزت عن توفير مستلزمات العيش لهما، لا سيما أن أهلها لم يكونوا أحسن حالاً منها، فلم يكن أمامها خيار غير الاستغناء عن أمومتها، والتنازل عن الحضانة لوالدهما. هذا ما قالته لي الزميلة بالنص.
وبعد الحوار مع الزميلة العزيزة، والأسئلة والتقصي عن شقيقتها، علمت أنها كانت تعاني من تعنيف زوجها، فانفصلت عنه. فهو عادة ما كان يشتمها، ولم يعاملها بالإحسان والود مثلما أمر الله تعالى في قوله «وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً».
بعد أن أجهدت نفسي بالحصول على المعلومات، تمنيت لو لم أسمعها، حيث إنني يا زميلتي العزيزة لست وزيرة ولا صاحبة قرار كي أجبر الرجال على احترام المرأة وحقوقها، ولا أجيد سوى تدوين معاناة أغلب النساء والفتيات على ورق، مثلي مثل الكثير ممن يبكون وجعاً، في وقت ينشغل فيه الجميع باستذكار واحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يوافق (غداً) الـ 25 من تشرين الثاني من كل عام.
إذا نظرنا إلى المقولة الشهيرة للمفكر الفرنسي جان بيار فرديناند: «المرأة كالسيف والسلاح، إنه يجرح من لا يعرف استعماله»، نجد أنها تحمل دلالات عن قوة المرأة التي قد تستغل بشكل غير صحيح، فالسلاح قد يكون أداة للحماية، وفي الوقت نفسه يمكن أن يكون معولاً للهدم.
فهل سنتمكن من استخدام هذه «القوة» بشكل بناء، وتوجيهها نحو تمكين المرأة بدلاً من استغلالها؟.