د. عبدالرضا البهادلي
مثَّل التعداد العام للسكان قفزة نوعية وحضارية تسهم في إعادة تقديم الاوليات الملحة في بلدنا وتسهم كذلك في وضع النقاط على الحروف في العمل، ووضع الخطط والاستراتيجيات قريبة المدى وبعيدة المدى لمعالجة الكثير من الظواهر التي يعاني المجتمع. فالمسح الإحصائي الدقيق يقود إلى فهم واسع ومركز لأي حالة زيادة عن أن المقدمات الصحيحة تعطي نتائج صحيحة. لا نقول إن المؤسسات التنفيذية لديها مصباح علاء الدين، وستحل جميع الأوضاع التي استفحلت نتيجة تراكمها أو لعل التركة كانت ثقيلة كما يرى البعض. بيد أن التعداد العام للسكان سيلقي بظلاله على دفع عجلة الإنماء الاجتماعي والبناء السليم، الذي يتم عن رؤية جديدة ذات أبعاد إحصائية مكثفة لاطلاق مشاريع وبرامج إنسانية، تخص المجتمع العراقي بكل أطيافه، لا سيما اذا ما علمنا أن الفارق الزمني بين الاحصاء الذي تم في تشرين الثاني 2024 وآخر إحصاء في القرن الماضي ما يزيد عن عقدين ونصف من الزمان، أي بعبارة أخرى أكثر من ربع قرن فقد كان آخر تعداد عام للسكان قد حصل في سنة 1997- وشمل جميع المحافظات الوسطى والجنوبية والشمالية باستثناء( اربيل والسليمانية ودهوك) ... وهنا تكمن أهمية التي كانت ملحة للجهات الحكومية التنفيذية والتشريعية اليوم، فنطاق التعداد الجغرافي والديموغرافي، فضلا عن الاجتماعي والاقتصادي. يضع خارطة طريق واضحة للوقوف على الحالات الاجتماعية والمجتمعية ودراستها وأخذ انجع الطرق في معالجتها. ويأتي الأمن البيئي والصحة من المواضيع المهمة، التي تحتاج مزيدا من التفعيل والعناية والتأكيد، لأنها باتت حديث الساعة وموضوعة ذات أبعاد متداخلة في الكثير من القضايا الحيوية والملحة، والتي لا تخلو من مصلحة قصوى للبلد. وعلى الرغم من مساحة المعلومات البيئة المحليةالتي كانت شحيحة، وربما غير منتظمة إلا أن فرصة بيانات التعداد العام للسكان الان ستساعد على تحديد الكثير من المشكلات البيئية... وهذا بالتالي يسمح بل يعطي مساحة للصندوق الأخضر العراقي، الذي أسس لدعم الاقتصاد الأخضر وتحسين البيئة- في لعب دور أكبر من أجل تعزيز الامن البيئي، والذي لا يتم بتمويل المشاريع فقط وتوفير الغطاء المالي فقط، بل يتم عبر بوابات رسمية تضع على عاتقها معالجة ملفات التلوث والقضايا الساخنه التي تعصف بالمجتمع. لا سيما في وقتنا الراهن، اذ أصبح الأمن البيئي جزءا لايتجزأ من الأمن القومي بكل ما تعنيه هذه الجملة في مثل عراقنا الحبيب، خاصة أن التعداد الذي تم في هذا التوقيت من هذه السنة حقق منجزين كبيرين، الأول هو ما تحققه المسوحات والإحصاءات، والثاني هو منع التجوال لا سيما ما يكمن أهمية في إيقاف حركة العجلات،التي تشكل عبئا واضح المعالم في تلوث الهواء، فإيقاف ما يقرب من ست ملايين عجلة وملايين من الدراجات النارية والآليات لمدة 48 ساعة يساعد بتحسين جودة الهواء على المستوى القريب، ويقلل من الانبعاث الكاربوني ويحد من تناثر الجزئيات الغبارية المصاحبة لحركة النقل، والاستمرار على مسألة الحد من التلوث البيئي منجز يؤتي أكله ولو بعد حين، فيا حبذا أن يقوم المشرِّع بتشريع قانون يلزم المواطنين بعدم استخدام العجلات لمدة 24 ساعة كل 6 أشهر أوما يراه مناسبا، وفقا لتوصيات البيئة والصحة والسماح فقط باستخدام السيارات والدراجات الكهربائية والهوائية الصديقة للبيئة، من أجل زيادة جودة الهواء والسير بخطى حثيثة وواعدة للحد من الانبعاث الكاربوني وتعزيز نشاط الثقافة الخضراء.. وزيادة الوعي البيئي.