مدير الجمارك لـ {الصباح}: {الاسيكودا} رفع الإيرادات 120 %
حاوره: غزوان الظالمي
تصوير: خضير العتابي
باشرت الهيئة العامة للجمارك تطبيق نظام الأتمتة الإلكترونيَّة المسمى عالمياً (الاسيكودا) بالتعاون مع الأمم المتحدة تماشياً مع التوجه الحكومي لاعتماد التقنيات الحديثة في العمل الوظيفي، وأسهم تطبيق المشروع بمرحلته الأولى في مضاعفة الإيرادات الماليَّة للجباية المتحققة لخزينة الدولة أرباحاً مضاعفة خلال النصف الأول من العام الحالي عن سابقه.
وبيّن، مدير عام الهيئة العامة للجمارك العراقيَّة الدكتور حسن حمود العكيلي، أن نظام (الاسيكودا) قائم على ما يسمى بالتصريحة الجمركيَّة "البيان الجمركي" الخاص بالمنتجات أو البضائع المستوردة المعتمدة من الدولة الموردة للبضائع ويسهم بأدوارٍ مهمَّة في مكافحة الفساد عبر خفض معدل التدخل البشري، إذ يتولى تحديد أقيام التعرفة المفروضة عليها، فضلاً عن مساهمة الذكاء الاصطناعي في كشف أنواع البضائع المخبأة أو المراد تهريبها وكشفها استباقياً عبر اعتماد الترميز أو الكودات الخاصَّة بالحاويات الواصلة إلى المراكز الجمركيَّة، أو المعلومات المخزنة سابقاً عن الممنوعات أو المواد المحظورة.
الدولة 108
وأضاف، العكيلي في حديث خاص لـ"الصباح"، أنَّ "نظام (الأسيكودا) هو نظامٌ جمركيٌّ مطبقٌ في أكثر من 100 دولة، والعراق هو الدولة 108 على مستوى العالم بتطبيق هذا النظام الجمركي وتتمُّ من خلاله تمشية المعاملة الجمركيَّة ومعالجة بياناتها وتقاطع وتبادل هذه البيانات مع المؤسسات المتداخلة بالعمل الجمركي ويتم إنجاز المعاملات الجمركيَّة منذ بداية تسلمها إلى مرحلة خروج البضاعة"، موضحاً أن "المعاملة الجمركيَّة تبدأ من المانفيست (وهو بيان الحمولة سواء كان على الباخرة أو على الطائرة أو على المركبات) إلى خروج البضاعة (إذن الخروج) من المنفذ الحدودي، وهذا النظام مطبقٌ في أغلب دول العالم بضمنها دول الجوار ومن بينها الأردن، ولبنان، وفلسطين، وليبيا وكثير من الدول الأخرى".
ولفت، إلى أنَّ "الجهة التي ساعدت الهيئة العامة للجمارك على تنصيب وتطبيق النظام وتدريب ملاكات الهيئة هي الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) التابع للأمم المتحدة، حيث تمَّ التعاقد معها في العام 2021، وتمت مباشرة العمل بالمشروع في ذات السنة خلال شهر كانون الأول". ومؤتمر التجارة والتنمية للأمم المتحدة هي المؤسسة المختصة لتقديم المساعدة بشكلٍ مباشرٍ بتطبيق هذا النظام وتطويره وتحديثه في العراق.
وأشار، إلى أنَّ "الهيئة العامة للجمارك ووزارة الماليَّة تعاقدتا مع هذه الجهة فقط للإشراف على تنفيذ المشروع، أما باقي مستلزمات العمل من حاسبات وخوادم وسيرفرات من أدوات ربط فيتمّ شراؤها من خلال الهيئة أو الاستعانة بالجهات الحكوميَّة لغرض تزويدها وتجهيزها بهذه المتطلبات، وبالفعل أنه في ما يتعلق باحتياجات النظام وأدواته وأجهزته فقد تولى مركز البيانات الوطني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء القيام بهذا الدور، وهو تجهيز وشراء مستلزمات ومتطلبات عمل النظام بميزات متعددة".
الذكاء الاصطناعي
وأكد العكيلي، أنَّ "واحدة من أبرز ميزاته أنه يعمل وفق تقنيات الذكاء الاصطناعي.. إذ يتم فحص البضائع ومقاطعة بياناتها وتحديد المخاطر بالعمل الجمركي أو ما يسمى بـ(إدارة المخاطر) ويتم تحديدها عبر البيانات التي تتم تعبئة النظام بها من خلال المعاملات الجمركيَّة"، وأكد أن "هذه لها شرحٌ يطول وتفاصيل لن نأتي على ذكرها لضرورات (أمنيَّة ومهنيَّة)، لعلَّ ليس من المناسب الحديث عنها الآن"، وبيّن أنه "يتم تحديد مدى خطورة البضائع وخطورة التاجر وخطورة وكيل الإخراج وخطورة النقل وخطورة وسيلة النقل وخطورة الطريق الذي سلكته البضاعة قبل الوصول إلى البلد، حتى طرق التغليف وطرق الشحن، كل تلك المعطيات يأخذها النظام بنظر الاعتبار، وتوجد تحليلاتٌ عبر الخوارزميات الموجودة بالنظام ومن بينها آليات الذكاء الاصطناعي، لتحديد مخاطر بعض تلك البضائع لغرض التعامل معها".
ونوّه بأنه "في ذات الوقت فإنَّه بموجب نظام (الاسيكودا) سيتم إجراء المعاملات المحاسبيَّة والحسابيَّة على كل البضائع في قواعد متماثلة، وبالتالي ستؤدي هذه المعلومات إلى الحد من ضياعات الأموال والفساد والتجاوز والحدِّ من ارتكاب المخالفات، وفي الوقت ذاته سيتم من خلال النظام توحيد إجراءات كل المراكز الجمركيَّة وفق صياغة وأسلوب واحد".
تقليل الفساد
وأوضح العكيلي، أنه "بموجب هذا المشروع الإلكتروني سيتم إيقاف معاملات أو بضائع محددة تمت تغذيَّة النظام ببياناتها الإلكترونيَّة سلفاً؛ بمعنى ما كان يمكن أنْ يمرَّ عبر الفساد أو اتفاقات مع بعض ضعاف النفوس من المشتغلين بالعمل الجمركي سواء كانوا موظفين أو وكلاء إخراج جمركي أو تجاراً سيتم تحديد تلك الممنوعات سلفاً في النظام وبالتالي لا يمكن إنجاز تلك المعاملات في المستقبل، كأنْ تكون بعض تلك البضائع الممنوعة تم إدخال بياناتها إلى ذاكرة النظام وبالتالي لن يسمح بدخول تلك البضائع وإنجاز معاملاتها، وهذه واحدة من الميزات التي تساعد الهيئة العامة للجمارك على أداء واجباتها، وكذا الحال بالنسبة إلى الالتزام بالقيود التي تحدد من قبل الجهات المختصة في الدولة العراقيَّة"، وأضاف، أنه "مثال ذلك بعض البضائع التي ينبغي استحصال إجازة للاستيراد قبل وصولها إلى المراكز الجمركيَّة، وبموجب ما تم تزويد النظام به من بيانات يتم تحديد تلك البضائع، وبالتالي لا يمكن إنجاز أي معاملة مشمولة بإجازة الاستيراد من دون ورود تلك الإجازة، أو إذا كان هناك أكثر من ألف بضاعة مشمولة بالفحص لأغراض التقييس والسيطرة النوعيَّة، كذلك تمَّ إدخال بيانات تلك البضائع بالنظام ولا يمكن إنجاز المعاملة من دون ورود شهادات الفحص والمطابقة، وهكذا باقي الجهات المتداخلة مع العمل الجمركي مثل وزارة الصحة ووزارة الزراعة وغيرها من تلك المؤسسات".
زيادة الإيرادات
أحد أهداف الهيئة العامة للجمارك في ما يخص التحول الإلكتروني هو تقليل السلطة التقديريَّة للموظف الجمركي، إذ كلما اتسعت السلطة التقديريَّة للموظف كلما كان عرضة للضغط وعرضة للابتزاز وفي ذات الوقت بعض ضعاف النفوس يستخدم هذه السلطة التقديريَّة لابتزاز المواطنين أو لتحقيق منافع شخصيَّة على حساب المال العام وعلى حساب جودة وكفاءة البضاعة الداخلة.
بشأن ذلك، قال العكيلي: إنَّ "هذا الهدف يتم تحقيقه عبر تطبيق هذا النظام من خلال قيامه ببعض الواجبات التي كان يقوم بها الموظف سابقاً والآن النظام يتولى إدارة تلك الواجبات بشكلٍ آلي، وكما هو معلوم فإنَّ النظام الإلكتروني لا يمكن التأثير أو الضغط عليه أو رشوته وابتزازه وبالتالي هذا سيوفر لنا موثوقيَّة عالية بالمعاملات الجمركيَّة من خلال إجراءات الهيئة المتعددة وواحدة منها هي موضوع التحول الإلكتروني، والذي شهدت الهيئة من خلاله ارتفاع واضح في إيراداتها حيث بلغت إيرادات الهيئة عام 2022 (807) مليارات باعتبار لم يكن لدينا النظام في العام 2022، لأنَّه تمَّ تطبيق النظام فعلياً في العام 2023 وارتفعت إيرادات الهيئة خلال هذا العام إلى تريليون و33 ملياراً، وفي العام الحالي 2024 وحتى نهاية شهر آب من هذا العام بلغت إيرادات الهيئة العامة للجمارك تريليوناً و328 ملياراً، بمعنى أنَّ الهيئة حققت زيادة بحدود 521 ملياراً، ونأمل إلى نهاية هذا العام أنْ تصل إيراداتنا إلى تريليوني دينار، وبذلك نكون قد تجاوزنا عتبة المئة وعشرين بالمئة بمعدل ارتفاع الإيرادات الماليَّة عن العام 2022".
وقال: إن "نظام (الاسيكودا) يسهم في تعزيز تلك الإيرادات، فضلاً عن الجهود التي تبذلها الهيئة بالجانب الإداري والإصلاحي وبناء قدرات الموظفين والمساءلة والمحاسبة وتساعد على تنفيذ خطط الهيئة بشكلٍ مستمرٍ وتسهم في تحسين الخدمة وتبسيط الإجراءات، كذلك فإنَّ تطبيق النظام الإلكتروني أسهم مساهمة فعليَّة ومباشرة في زيادة حجم الإيرادات ونتطلع بعد أنْ يتم تفعيل النظام في كل المنافذ وتطبيق جميع خصائص النظام إلى زيادة أكبر من ذلك في إيرادات الهيئة".
الأمن المجتمعي
ووفق مختصين، يسهم نظام (الاسيكودا) من خلال تطبيقه في حفظ الأمن المجتمعي عبر حماية المستهلك غذائياً ودوائياً وضمان عدم دخول البضائع المهربة وخصوصاً الممنوعة مثل المخدرات.
بخصوص ذلك، يؤكد العكيلي: "هنا يبرز دور الهيئة العامة للجمارك بموجب قانونها والجهات الساندة كونها تمثل حائط الصد الأول للمجتمع في ما يتعلق بالأمن الغذائي من حيث جودة الأغذيَّة الداخلة ومدى مطابقتها للمواصفات القياسيَّة الموضوعة من قبل وزارة الصحة والجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعيَّة، وتتولى الهيئة العامة للجمارك العراقيَّة وملاكاتها تطبيق فقرات القانون لحماية المستهلك والحيلولة دون دخول تلك البضائع الفاسدة أو المشكوك فيها إلى البلد، وبالوقت ذاته أسهم تطبيق التقنيات الحديثة في العمل الجمركي من أجهزة السونار وأجهزة الوزن الدقيقة والفحص الإشعاعي وأجهزة أخرى من هذا القبيل تستخدم في عمل هذه الهيئة لمنع دخول تلك البضائع، كما أسهمت في الجانب الأمني من تعزيز الإجراءات الحكوميَّة التي تنصُّ عبر القانون على منع استيراد الأسلحة وحظر دخول الذخائر والاعتدة المرتبطة بتلك الأسلحة، وبالتالي الآن سُلبت السلطة التقديريَّة للموظف ولا يمكن للموظف أنْ يسمحَ بدخول بضائع ممنوعة أو مقيدة أو مشكوكٍ بها فالنظام يتولى مباشرة إيقاف تلك المعاملة إلى حين حسم التفاصيل المتعلقة بهذا إذا كانت ممنوعة، وبالتالي تتم إعادتها إلى الجهة التي صدرتها
للعراق".