وليد خالد الزيدي
كيف نجعل من بعض الناس يحتفظون بروح نظيفة، اذا لم نجعل نفوسهم تلامس الفضيلة، وتبتعد عن الرذيلة وترتقي بهم ليحملوا إحساساتٍ بشرية كقيثارة صامتة في جوقة الرحمن، وليسود دائما السلاح الروحي على السلاح المادي، وليس العكس، فمنذ أقدم الأزمنة هو السلاح الأكثر فعالية والذي يقود صاحبه إلى بر الأمان وجادة الاطمئنان، فلا بد من التسليم بأن التهذيب هو زهرة الإنسانية والشعور بالتسامح أفضل من الوقوع في الظلم واحتمال الانزلاق نحو الفوضى، فكل ما وجد في الأرض من كنوز لا يمكن أن يوضع في ميزان واحد مع الفضيلة، اذا ما اقترنت بالإصلاح والأمل بتحقيقه، لأن الانطلاقات الطبيعية للإنسان اذا ما سعى للنجاح ليست من متعة إلى أخرى، إنما من أمل إلى آخر طالما هناك حياة فهناك فسحة من التفاؤل لتحقيقه وتضمين حقوق الإنسان لبلوغ غاياته المرجوة. لم يعد الاستقرار المجتمعي مقتصرا على دور القضاء والمحاكم المختصة بفرض العقوبات المختلفة فحسب، إنما اصبح يقع ضمن مساحة العمل المؤسساتي الخاص بدوائر الإصلاح ولا يخص فئة الأحداث فحسب حينما يرتكبون المخالفات القانونية، فيقعون فرائس لآفة الانحراف وطائلة الأفكار الضعيفة والتوجهات الخطيرة، التي دائما ما تؤدي في محصلتها النهائية إلى اضطراب المجتمع وقلق راحة أفراده، بحيث يكون جنوح الأحداث احد مظاهر الانحلال الأسري، فضلا عن الأعمال المنحرفة لأشخاص من فئات عمرية متقدمة بالغة وشباب رجال ونساء لارتكابهم مخالفات قانونية تخل بأمن المجتمع ضمن لوائح تستوجب الحبس بكل مدياته، فتقوم حكومات الدول بإعداد برامج لتأهيل الأفراد المعاقبين في دور العدل، ليوفروا فرصا متاحة لإعادتهم إلى رشدهم وإصلاح سلوكياتهم، لتكون سوية ومن خلال توفير كل مستلزمات لائحة حقوق الإنسان والأمن والرعاية وفي الشأن العراقي، ومن تلك المنطلقات توقيع مذكرة تعاون مشترك بين وزارة العدل وجامعة الدفاع للدراسات العسكرية لتطوير خبرات الحراس الأمنيين الإصلاحيين وتحديث طرق التعامل مع نزلاء دوائرهم. وتبرز إلى أهمية الذكر مدى معرفة المخاطر المترتبة على الانفلات، اذا ما حدث في بعض دوائر الإصلاح وضعف معالجتها وما تشكله من خطر على الأمن الشخصي والمجتمعي، ومعرفة تطور برامج حكومات الدول المتقدمة في تحسين أجواء هذا المجال وانعكاساته الإيجابية على المستويات الاجتماعية والثقافية في عالم اليوم كما في بلدنا، فإن تلك القضية ذات تأثير فعال على مستقبل الأحداث كفئات عمرية اكثر عرضة للتغيير سلبا أو إيجابا ومدى الالتزام بالإجراءات المتبعة في طبيعة إدارتها لمنع إيغال الأحداث بأفكار الجنوح وثقافة الانحراف. ومن هنا أصبح لا بد من تفعيل فقرات تلك المذكرة بتشكيل لجان متخصصة بمتابعة مراحل استكمال الإجراءات والاستعدادات المطلوبة لتنفيذها، لا سيما إعداد المناهج الخاصة بقواعد وآليات عمل المؤسسات ذات الطابع الأمني بهدف تحقيق أهدافها، لرفع مستوى أداء مدراء الأقسام الإصلاحية والعاملين فيها ودور متابعة الأحداث وتطوير مهارات العاملين في حفظ أمن النزلاء وانعكاساته المجتمعية بشكل عام.