زيد الحلي
الطقسُ الباردُ الذي عشناه منذ أسبوعين، ولا نزال، كان «بروفة» لأيامٍ أشدّ برودة؛ نشهدها لاحقاً، فالسجلات المناخيَّة الدوليَّة تقول إنَّ الأسبوع الحالي هو أول أيام فصل الشتاء في العراق.
أهلاً بالشتاء الذي أعشق فيه تناثر قطرات المطر على نافذتي بهدوء؛ هامسة في أذنيّ بصوتٍ عذبٍ، مرحّبة بأجمل اللحظات، داعية الى الفرح، والى مسك كتابٍ أرغب بقراءته، متمتعاً بأفكارٍ تنعشُ الذاكرة، وتفتحُ نسغ البهاء والمحبة، كأنها رسائل الى أصحاب القلوب المريضة، بأنْ تغسلَ أحقادها، فالحياة ومضة، والحرص على العيش في ظلالها متعة لا تضاهى.
الكاتب الكبير نجيب محفوظ، قال ذات مرة، في حوارٍ معه: «أنا أفضل الشتاء على الصيف، فالشتاء هو فصل النشاط، وقد كتبت أعمالي كُلها في الشتاء، ودخل فصل الشتاء في بعض مشاهدها أو في عناوينها مثل السمان والخريف، والحب تحت المطر وغيرهما؛ وكنت أنزل من بيتي في حدود السادسة صباحاً لأمشي على ضفاف نهر النيل حتى مقهى «علي بابا» بميدان التحرير، حيث كُنت أتناول قهوتي وأقرأ الصحف، وكانت لسعة البرد الأولى سريعاً ما تزول بمجرد أنْ أبدأ في المشي ولم أكد أصل إلى المقهى إلا والدفء قد سرى في كل أوصالي».
لستُ وحدي من يعشق الشتاء، لكني لا أميل الى تساقط الثلوج بكثرة، إلا حين تبدأ مياهها بالذوبان فتعطي لحناً، هو أجمل ما في الحياة.