بغداد: سرور العلي
ينشغل معظم أطفالنا بالهواتف الذكية، لا سيما مع التطور الكبير في التكنولوجيا، واستحداث برامج وتطبيقات جديدة، من دون مراعاة لكيفية إدارة الوقت، إذ تعاني كوثر عباس (ربة بيت)، من إدمان طفليها على تلك الأجهزة، ومشاهدة فيديوهات الألعاب والترفيه، التي تعرض في موقع «يوتيوب»، ومواقع أخرى مشابهة.
وتشاطرها الرأي ماجدة حسن (موظفة) بالقول : «إدارة الوقت تعد من أهم ما يمكن أن يفعله الآباء للحيلولة دون الوقوع في شباك الأجهزة الالكترونية والإدمان عليها، فمنذ فترة وأنا أرى أولادي يدمنون على الموبايل والحاسوب دون مراعاة للوقت، لذا قررت أن أنظم يومهم وأعيد ترتيب الأولويات، وهذا هو المهم الآن.
وبين الباحث الاجتماعي ولي جليل الخفاجي في حديثه لـ «الصباح» : «في الحقيقة الأجهزة الرقمية اليوم أصبحت تطغى على حياتنا وبشكل كبير، كونها جذابة للكبار والصغار، وتحتوي على مختلف الموضوعات الترفيهية، وعادة ما يميل الأطفال إلى ألعاب الفيديو والحركة والمسابقات وغيرها، وأمام الوالدين خياران، الأول يعد تلك الأجهزة كنوع من تنمية المهارات والقابليات للطفل، وهذا دائماً ما تبحث عنه الأم وتفضل أن يتعلم إلكترونياً، لغرض الفائدة في المستقبل، ويسهل عليه استخدام الأجهزة الإلكترونية، خاصة أن التعليم اتجه للعصر التكنولوجي، وليس فقط قراءة الكتاب الورقي، واستخدام الأساليب القديمة، والخيار الثاني الذي تسعى له الأم، هو التخفيف من حركة طفلها ومشاكساته، فتفضل تواجده مع الهاتف في المنزل، تفادياً لاكتسابه سلوكيات خاطئة من اختلاطه بالآخرين، وللحد من قلقها إذا بقي في الخارج».
وأضاف الخفاجي «وفي المحصلتين فإن الطفل سوف يستخدم تلك الأجهزة الذكية، أما كيف نعمل على تقسيم وقته، فمن الخطأ أن نطلب من الطفل البقاء ساعة واحدة، ومن ثم الذهاب إلى النوم مع مشاهدته بقية أفراد أسرته ممسكين بهواتفهم، لذلك ينبغي أن يشمل القرار الأسرة كافة، حتى لا يشعر الطفل بالغبن والاستصغار، وهنا من المفترض أن يقسم الوالدان الوقت، وفقاً لقاعدة في علم النفس تسمى بـ (الانطفاء)، فاليوم إذا قررنا إبعاد شخص ما عن سلوك معين، يتم تطبيق تلك القاعدة معه، لذلك نبعد الطفل عن الهاتف المحمول، ولكن بعمل عن طريق الخروج معه للتنزه أو التسوق، أو تشجيعه على ممارسة بعض الهوايات».
د.عبد الرحمن الجبوري، أستاذ النقد الأدبي الحديث في كلية التربية للعلوم الإنسانية أكد في حديثه لـ «الصباح»، أن الأجهزة الإلكترونية، وخاصة الهاتف المحمول، أصبح من الأشياء المؤثرة سلبياً في المجتمع بكل تفاصيله، وعلى الكبار وليس الأطفال فقط، وبالنسبة لي لا أسمح لأطفال أسرتي باستخدامه منذ بداية العام الدراسي إلى نهايته، أما في العطلتين الصيفية والربيعية، فأوجههم إلى ممارسة ألعابهم الرياضية في النهار، وفي الليل لا بأس من استخدام تلك الأجهزة، ولكن بوقت محدد.
المختصة في الصحة النفسية والعلاج السلوكي د. بتول عيسى أوضحت لـ «الصباح»،: «أن تعليم الأطفال إدارة الوقت عند استخدام الأجهزة الرقمية يعد أمرًا مهمًا، لمساعدتهم على تطوير مهارات التركيز والتنظيم، ويتم ذلك وفقاً لبعض الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها، ومنها تحديد أوقات معينة لاستخدام الأجهزة، مثل ساعة واحدة في اليوم بعد الانتهاء من الواجبات المدرسية، وذلك يساعد الأطفال على فهم حدود الوقت، كما أن هناك العديد من التطبيقات المتاحة التي تساعد في تتبع الوقت المستخدم في الأجهزة، فيمكننا استخدام هذه التطبيقات مع الأطفال، لتعليمهم كيفية إدارة وقتهم بشكل فعال، والقيام بشرح المخاطر المرتبطة بالاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية». وتابعت عيسى حديثها «كما من الضروري أن يكون الوالدان قدوة حسنة للطفل، من خلال إدارة وقتهما الشخصي بحكمة، واستخدام الأجهزة الرقمية بشكل متوازن، وتشجيعه على الانخراط في أنشطة غير رقمية مثل القراءة، أو الرياضة أو الفنون، لتقليل الاعتماد على الهاتف، ومراقبة الطفل عند استخدامه للجهاز، والتحدث معه عن كيفية استثمار الوقت بشكل أفضل».