محمد علي الحيدري
تتزايد الضغوط العسكرية الإسرائيلية في سوريا بشكل متسارع، خاصة بعد انهيار نظام بشار الأسد، مما يعكس استراتيجية معقدة تهدف إلى تعزيز السيطرة على المنطقة وتنفيذ سياسة التوسع. وتتضمن هذه الاستراتيجية توجيه ضربات جوية كثيفة لإضعاف القدرات العسكرية السورية، وفرض وجود إسرائيلي دائم في المناطق الاستراتيجية.
في الأيام الماضية، نفذت إسرائيل سلسلة من الهجمات الجوية على سوريا، حيث أعلنت عن استهدافها لأكثر من 350 موقعا عسكريا سوريا، مع تدمير ما يصل إلى 80% من القدرات الاستراتيجية للجيش السوري، بحسب تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي، كما ورد في تقرير "إسرائيل اليوم" الصادر في 9 ديسمبر 2024.
هذه الضغوط تأتي في سياق استغلال الوضع الجديد بعد سقوط الأسد، حيث يرى عدد من المراقبين أن إسرائيل تسعى لتأكيد سيطرتها على حدودها ومنع تحول سوريا إلى قاعدة لتهديداتها العسكرية.
فبعد أن سيطرت الجماعات المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام على دمشق، شنّت إسرائيل هجمات متتالية لتعزيز وجودها في المناطق الحدودية. وفي تصريح لوزير الدفاع، أكد أن العمليات العسكرية تهدف إلى منع الأسلحة من الوقوع في أيدي جماعات تعتبرها إسرائيل "إرهابية"، مثل "حزب الله"، لكن العديد من المحللين أشاروا إلى أن هذه الهجمات ليست مجرد رد على التهديدات، بل هي جزء من خطة أكبر لإعادة تشكيل الواقع العسكري في المنطقة وخلق فراغ يتيح لإسرائيل فرض هيمنتها.
ويعبر العديد من المحللين عن قلقهم من أن هذه الضغوط الإسرائيلية تهدف إلى شل الجيش السوري، مما يعيق أي قدرة على إعادة البناء العسكري ويرى محللون استراتيجيون أن إعادة بناء الجيش السوري ستستغرق سنوات، وقد تحتاج إلى مليارات الدولارات، مما يمثل تحدياً كبيراً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
تدعو هذه الأوضاع وتداعياتها إلى تكثيف الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة. إذ إن الفوضى المستمرة في سوريا قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الإقليمي، حيث حذّر العديد من الخبراء من أن سوريا يمكن أن تتحول إلى "صومال" جديدة في الشرق الأوسط، مما يفتح المجال أمام الجماعات المتطرفة لاستغلال الفوضى.
في الوقت نفسه، يبدو أن التحركات الإسرائيلية تهدف أيضا إلى تعزيز وجودها العسكري بشكل دائم في الأراضي السورية، حيث تسعى لإنشاء "منطقة عازلة" تحمي حدودها، كما أكدت عدة تقارير، بما في ذلك ما نشر في «الباحثون السوريون» في 11 ديسمبر 2024. هذه الخطوات تشير إلى نية إسرائيلية واضحة لتحقيق مزيد من السيطرة على الأراضي السورية، مما يعود لتأثير الاستقرار في الأمن الإقليمي.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً حول كيفية إدارة الحكومة السورية الجديدة لهذا التحدي، خاصة في ظل الضغط العسكري الإسرائيلي المتواصل واستمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
إن محاولات إسرائيل لتأكيد نفوذها العسكري لن تؤدي فقط إلى تفكيك الجيش السوري، بل قد تخلق أيضا بيئة ملائمة لتفشي حركات مسلحة جديدة، مما يهدد مستقبل سوريا ويؤثر في الأمن الإقليمي.