حمزة مصطفى
يحاول رئيس الوزراء محمد شياع السوداني احتواء ما حصل في سوريا من زلزال لم يكن يتوقعه أحد. برغم هول ما حصل، فإن السياسة التي يتبعها السوداني حتى الآن لا تقوم على ردود الفعل بقدر الارتفاع إلى مستوى هذا التحدي غير المسبوق. فالعراق معني بالوضع في سوريا لأكثر من سبب، لعل في المقدمة منها الجوار الجغرافي الطويل والتداخل في العلاقات السياسية والمجتمعية بين البلدين، ناهيك عن كون العراق كان أكبر المتضررين من تداعيات الربيع العربي، لا سيما عام 2014 وما تلاه من حراك سوري، كان يهدف منذ ذلك الوقت إلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. فالمجاميع الإرهابية " داعش" التي كانت قد تكونت ونمت في سوريا لأسباب وعوامل لا مجال لتناولها الآن دخلت العراق واحتلت محافظات ومدنا عراقية حتى تحقق النصر عام 2017 على تلك المجاميع، لكن بعد أن دفعنا دما وشهداء وبنى تحتية مدمرة.
اليوم، وقد جرى ما جرى في سوريا فإن ما تقوم به الحكومة من خطوات وإجراءات داخليا وخارجيا، تؤكد أن هناك تحسبا لما يمكن أن يحصل من تداعيات. فعلى صعيد الجبهة الداخلية فإن الجهود تتمثل في جانبين الأول تأمين الحدود بطريقة فعالة عبر تعبئة كل الأجهزة الأمنية لمواجهة أية تداعيات محتملة. والثاني هو عملية التحصين المجتمعي من خلال زيادة جرعة الثقة والامل لدى الناس وعدم الاستماع إلى الشائعات ومحاولات تقويض الأمن الداخلي. وبالترابط بين الأمرين، أي بين ما هو خارجي وما هو داخلي فإن عملية الاحتواء والانتقال إلى مرحلة البناء في العمل السياسي والدبلوماسي باتت واضحة وجلية. فرئيس الوزراء يجري اتصالات مع قادة المنطقة والعالم، كما أن قادة المنطقة والعالم يجرون اتصالات معه لغرض مواجهة اية تداعيات محتملة مما يؤكد محورية الدور العراقي، وأهميته في المنطقة. كما يؤكد استقلالية القرار العراقي التي ظهرت الآن في هذه الأزمة، حيث ينتظر الجميع وهنا أخص كل القوى السياسية حتى تلك، التي ربما لديها خلافات مع الحكومة ما يمكن أن تعمله الحكومة بوصفها هي المعنية أولا وآخر بالدفاع عن سياسة البلاد الخارجية وطريقة تعاطيها مع مختلف الأزمات لا سيما تلك التي لم تكن تخطر على البال لكنها تحتاج إلى تحرك سريع لاحتوائها وتطويق ما يمكن أن تترتب عليها من مخاطر أو تحديات.