هاشم البيرواي
أصبحت المدارس الأهلية جزءاً رئيسياً من النظام التعليمي في العديد من البلدان، إذ أسهمت في توفير فرص تعليمية بديلة لعدد كبير من الطلاب. لكن، ومن خلال تجربتي الشخصية، يمكنني تسليط الضوء على جوانب مختلفة لهذه المدارس وما لها وما عليها.
لقد نشأ التعليم الأهلي استجابة للعديد من التحديات التي كانت تواجهها المدارس الحكومية، فمع تزايد أعداد الطلاب، كانت المدارس الحكومية تعاني من قلة المباني المدرسية، أبرزها ازدواجية الدوام، وصعوبة استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب. وفي العديد من المناطق، سواء كانت في القرى أو في المدن المزدحمة، كانت هذه المدارس تفتقر إلى بعض الأساسيات مثل المقاعد الدراسية الكافية والملاكات التدريسية المتخصصة، وهو ما دفع العديد من الأسر، للجوء إلى المدارس الأهلية، رغم تكاليفها المرتفعة.
ورغم التحديات التي يعاني منها النظام التعليمي الحكومي، فإن الدولة تمتلك الإمكانيات اللازمة لتطوير مدارسها العامة، سواء من خلال بناء مدارس جديدة مجهزة بكل ما تحتاجها من أثاث ووسائل تعليمية، أو من خلال تعيين ملاكات تدريسية مؤهلة في جميع التخصصات.
وفي ما يتعلق بالمدارس الأهلية، فإنها تقدم عددا من المزايا التي تجعلها خيارا مفضلا للكثير من الأسر. على سبيل المثال، تقوم هذه المدارس بتوزيع الكتب الدراسية في بداية العام الدراسي، مما يساعد الطلاب على تنظيم وقتهم وإكمال المنهج الدراسي في الوقت المناسب. كما أن المدارس الأهلية توفر كادرا تدريسيا متخصصا، مما يقلل من ظاهرة الشواغر التي قد تؤثر سلبًا في جودة التعليم.
تولي هذه المدارس أيضا اهتماما خاصا بتحسين بيئة التعليم، حيث توفر مقاعد دراسية مريحة، وتولي عناية كبيرة بالإضاءة ووسائل التبريد في فصول الدراسة، ما يسهم في توفير بيئة تعليمية أفضل للطلاب. إلى جانب ذلك، تسعى المدارس الأهلية إلى متابعة تقدم الطلاب بشكل يومي، من خلال سجلات متابعة وتقييمات منتظمة، مما يساعد في تطوير مستوياتهم الأكاديمية والتربوية.
تدعم هذه المدارس أيضا الأنشطة الطلابية، سواء كانت رياضية أو فنية، مما يساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم في مختلف المجالات. وفي الوقت نفسه، تعقد المدارس الأهلية مجالس لأولياء الأمور وتقدم تقارير دورية عن تقدم أبنائهم، مما يعزز العلاقة بين المدرسة والأسرة، ويتيح متابعة مستمرة للطلاب.
لكن، بالرغم من هذه المزايا، لا تخلو المدارس الأهلية من بعض التحديات، ابرزها ارتفاع التكاليف المالية التي تفرضها على أولياء الأمور، ما يجعلها غير متاحة للكثير من الأسر ذات الدخل المحدود. كما أن بعض أولياء الأمور يعتقدون أن تسجيل أبنائهم في المدارس الأهلية، يعني ضمان نجاحهم الأكاديمي، ما يؤدي إلى قلة المتابعة الأسرية لتقدم أبنائهم.
كذلك، يركز بعض مؤسسي المدارس الأهلية على الربح المالي، مما قد يؤثر في جودة التعليم والخدمات المقدمة للطلاب. كما أن هناك بعض المدارس التي تصر على إشراك جميع الطلاب في الامتحانات الوزارية، حتى وإن كان مستواهم الأكاديمي لا يؤهلهم لذلك، مما يؤدي إلى تدني نسب النجاح.
من جانب آخر، تعاني العديد من المدارس الأهلية من نقص في المرافق الرياضية والفنية، وهو ما يحد من قدرة الطلاب على ممارسة الأنشطة البدنية والفنية التي تساهم في تنمية مهاراتهم. كما أن ضعف الإشراف التربوي على هذه المدارس يشكل تحديًا آخر، حيث لا يتم توفير الزيارات الإشرافية بشكل كافٍ، ما يقلل من مستوى الرقابة على جودة التعليم في هذه المدارس.