العراق أولاً وأخيراً

آراء 2024/12/24
...

 علي الخفاجي 


في حربٍ استمرت أكثر من شهرين شـــُـرِّدَ فيها أكثر من مليون ونصف مواطن، وراح ضحيتها الآلاف بين شهيدٍ وجريح ودُمِّرت الكثير من الأحياء والحارات والمناطق ، وبعد الضغوطات الدولية والاتفاقيات المشروطة بين محوري الصراع تم إيقاف الحرب ضمنياً وعودة الكثير من النازحين إلى بلداتهم ، جميعنا يعلم أن ما يجري اليوم من حروب وتدخُّلات ماهي إلا صراعات مصالح غايتها الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من المقدَّرات وتشتيت البلدان لغرض إضعاف قوتها وجعلها بلداناً صاغرة للقوى العظمى من دون قيدٍ أو شرط ، الأمر الذي تحقق في كثير من حالاته وعلى مدى السنوات التي خلت ، تحدثنا وبأكثر من مناسبة وذكَّرنا بأن الحرب الإسرائيلية على غزة تختلف من حيث المضمون عن حربها ضد لبنان لأن تلك الحرب وحسب التعبير التلمودي الذي يتم الاستدلال به من قبل الكيان الصهيوني هي حرب وجود لغرض ضم غزة وما يحاذيها إلى إسرائيل، بينما الحرب الثانية وحسب وصف الإدارة الإسرائيلية هــي لإبعاد الخطر عن الحدود الإسرائيلية من هجمات حزب الله ، على مدى الأشهر السابقة تصدَّرت الحرب الإسرائيلية على غزة اهتمام المجتمع الدولــي وبدأت منذ 7 /اكتوبر سنة 2023 بحصد الأرواح وتدمير البنى التحتية وها هي مستمرة إلى يومنا هذا مستغلة رخاوة الوضع الدولي المكتفي بالإدانات والاستنكارات ، استمر الحال هكذا إلى أن وصل الأمر وحسب ما كان متوقعاً ومخططاً له وهو تغيير البوصلة نحو سوريا وبدأت في حينها الطلعات الجوية الإسرائيلية تستهدف عدداً من المواقع العسكرية السورية في إشارة منها لتعزيز قدراتها وللحدِّ من انتشار القوى المعادية حسب وصفها، إلى أن حانت ساعة الصفر بعد توغُّل قوى المعارضة من الشمال السوري واستطاعت وخلال مدة لا تتعدى الـــــــ (عشرة أيام) أن تدخل إلى دمشق وإعلانها رسمياً إسقاط النظام السوري وبالتحديد في 8 /ديسمبر ، بين متفائل ومتشائم عما ستؤول إليه الأمور في سوريا ومدى تأثر الوضع العراقي بما جرى وسيجري هناك ، ما يهمنا هو الأمن العراقي وكيفية المحافظة على سلامة أرض العراق من التدخلات الخارجية ، نعتقد أن ما يجري في سوريا ووفقــاً للتحليلات الاستراتيجية الواقعية لا يخرج عن أنه اقتتال داخلي مموَّل من أطراف دولية لتحقيق مكاسب تنموية  لا دخل للعراق بها بمعنى؛ أن التهويل الذي يطرح اليوم على أن انعكاسات الوضع في سوريا ستؤثر في العراق واحتمالية تأجيج الأوضاع في الداخل العراقي بعيدة عن الواقع، ومن يتحدث بهذا المنطق هو أما كارهٌ أو ناقم من الوضع المثالي الذي نعيشه من الناحية الأمنية على الأقل ، وهنا نؤكد بأنه لا ضير في أخذ الحيطةِ والحذر من أي اعتداء خارجي قد يصيب البلد وأخذ الأمور على محمل الجدّ وهذا ما يجب أن يكون شرط أن لا تهوَّل الأمور وألا تكون التصريحات سبباً لتأجيج الوضع العراقي الداخلي ، التعبئة الجماهيرية التي تحدث الآن وعلى مستوى المحافظات العراقية كافة والاجتماعات الحكومية المتكررة جميعها تؤكد أنهُ لا خيار أمام العراق سوى التوحُّد بوجه التهديدات التي تطول بلدنا، فالتعافـــي الكبير الذي نحن عليه اليوم يجعل من البلد أقوى من ذي قبل بحيث لا يمكن وبأي حال من الأحوال تكرار ما شهدهُ العراق أبان فترة سقوط الموصل بيد تنظيمات "داعش" الإرهابية.