تناول الطعام غير المنتظم له آثار صحيّة سلبيّة طويلة المدى

من القضاء 2019/07/02
...

ترجمة/ نادية المختار 
توصلت دراسة حديثة أجراها باحثون في مجال التغذية بجامعة هلسنكي، فنلندا، الى ان تناول الطعام غير المنتظم بين الشباب له آثار طويلة المدى على صحتهم. اذ وجدوا ان تناول الطعام غير المنتظم بين النساء والرجال الذين يبلغون من العمر 24 عاما مؤشر على زيادة وزن الجسم ومحيط الخصر الأكبر، والرفاهية النفسية المنخفضة، وكذلك تدني التقييم الذاتي للصحة العامة على حد سواء في سن الرابعة والعشرين، وكذلك بعد عشر سنوات من ذلك، أي حال بلوغهم سن الرابعة والثلاثين.   
يقول الدكتور يولا كارين، أخصائي التغذية في جامعة هلسنكي: “غالبا ما ينظر الى الأكل غير المنضبط على أنه غير ضار لأنه شائع جدا. ومع ذلك، يبدو أن الأكل المختلط قد تكون له آثار سلبية بعيدة المدى على الصحة العامة ورفاهية الشباب، حتى اذا كانت الأعراض لا تشكل اضطرابا في تناول الطعام اكلينيكيا، فان التعرف المبكر والعلاج مهم أيضا بالنسبة للرجال”. 
ويضيف كارين: “أثبتت لنا النتائج أن تناول الطعام غير المنتظم يضر بالصحة الجسدية والعقلية للشباب على المدى القصير والطويل. وللتخفيف من هذه الآثار السلبية على المدى الطويل يجب علينا أن نتعرف على اضطرابات الأكل المبكر وتوجيه المصابين الى العلاج”. 
 
الاضطراب في الأكل 
يحدث الاضطراب في الأكل، عندما يقرر الشخص (بشكل استبدادي) متى يكون جائعا أو شبعانا، بصرف النظر عن شعوره الفعلي. وكأنه يصنع (ميزانا وهميا ذاتيا) لنفسه باستمرار. أو يقوم بتناول مشروبات بدون سعرات حرارية لتجنب الشعور بالجوع، كما يمكن أيضا اعتبار تناول الطعام مضطربا إذا كان الشخص يخطط بدقة لكل وجبة لفترة طويلة في المستقبل، أو يحسب السعرات الحرارية ويزن الأطعمة، أو يتبع نظاما غذائيا صارما بشكل مفرط، أو يقطع بعض الأطعمة عن نظامه الغذائي متذرعا بأسباب صحية أو شخصية عندما يكون الدافع الحقيقي هو لغرض فقدان الوزن. 
يقول كارين: “مع أن تناول الطعام غير المنتظم أمر شائع بين الجنسين، إلا أنه لا يعني عدم ضرره على الصحة البدنية. لذا علينا أخذ الأمور على محمل الجد لارشادهم نحو الطريقة المثلى لتجنب اتباع عادة اختلال الأكل من دون الشعور الحقيقي بالحاجة الفعلية للطعام والشراب على حد سواء.”
 
بين الجوع والمزاج
توصل باحثون من جامعة غيلف، الى اكتشاف أن الانخفاض المفاجئ في مستوى الجلوكوز الذي نواجهه عندما نكون جائعين يمكن أن يؤثر على مزاجنا. 
يقول البروفسور فرانشيسكو ليري، استاذ في قسم علم النفس:”لقد وجدنا أدلة على أن أي تغيير في مستوى الكلوكوز يمكن أن يكون له تأثير دائم على الحالة المزاجية. فقد كنت متشككا عندما كان الناس يخبروني أنهم يعانون من آلام الجروح فيما إذا لم يأكلوا، لكني الآن صرت أؤيد ذلك. فانخفاض السكر في الدم هو عبارة عن ضغوط فسيولوجية ونفسية قوية.”
ويمكن أن يؤثر الانخفاض المفاجئ في مستوى الجلوكوز الذي نواجهه عندما نكون جائعين على مزاجنا. 
استخدم الباحثون فئران مختبرية لفحص تأثير السلوك المفاجئ على انخفاض السكر في الدم. وعندما أعطيت الفئران مانع الكلوكوز، لوحظ أن لديهم مستويات أعلى من الكورتيزول. كما أظهروا علامات الاجهاد والسلوك البطيء على غرار الحالة المزاجية السيئة. ولاثبات أن السلوك لم يكن مجرد نقص في الجلوكوز في العضلات، أعطاهم الباحثون بعد ذلك مضادات اكتئاب شائعة، واختفى هذا السلوك. 
يقول مؤلف الدراسة الدكتور توماس هورمان: “عندما يفكر الناس في الحالات المزاجية السلبية والتوتر، فانهم يفكرون في العوامل النفسية، وليس بالضرورة العوامل الأيضية. بيد أننا وجدنا أن سلوك الأكل السيئ يمكن أن يكون له تأثيرات عديدة”.
تم حقن الفئران بمانع استقلاب الكلوكوز مما تسبب لهم تجربة نقص السكر في الدم، ثم تم وضعهم في غرفة معينة. وفي مناسبة منفصلة حصلوا على حقنة من الماء ووضعوا في غرفة مختلفة. وعندما تم اختيار أي غرفة للدخول، تجنبوا الغرفة التي عانوا فيها من نقص السكر في الدم. 
يقول ليري: “هذا النوع من سلوك التجنب هو تعبير عن التوتر والقلق. فالحيوانات تتجنب تلك الغرفة لأنها كانت لديها تجربة مرهقة هناك، ولا يريدون تجربة ذلك مرة
 أخرى”. 
اختبر الباحثون مستويات الدم لدى الفئران بعد تجربة نقص السكر في الدم ووجدوا المزيد من الكورتيكوستيرون، وهو مؤشر على الاجهاد الفسيولوجي. وأظهرت الفئران أيضا بطئا أكثر عند اعطائهم مانع تأيض الكلوكوز. 
يقول ليري: “ربما يجادلون بأن هذا بسبب حاجتهم الى الكلوكوز لجعل عضلاتهم 
تعمل. 
لكن عندما قدمنا لهم أدوية مضادة للاكتئاب شائعة الاستخدام، لم يلاحظ عليهم السلوك البطيء. وكانت الحيوانات تتحرك حولها بشكل طبيعي. وهذا أمر مثير للاهتمام لأن عضلاتهم لا تزال غير حاصلة على الكلوكوز، لكن سلوكهم تغير. 
هذه النتيجة تدعم فكرة أن الحيوانات عانت من الاجهاد والمزاج المكتئب عند نقص السكر في الدم. ويمكن أن تختلف العوامل التي تؤدي الى الاصابة بالاكتئاب والقلق من شخص الى
 آخر. 
ويخلص هورمان: “هذه النتائج تفسر الصلة بين الاكتئاب وأمراض السمنة والسكري والشره الغذائي أو فقدان الشهية.”
 
عن ساينس ديلي