الزهاوي والبصير وثورة العشرين

ثقافة 2019/07/02
...

د. حسين القاصد   
من الغرابة جدا ان نجد رأيا مدافعا عن الزهاوي يقول: (وبعد تأسيس الحكم الملكي في العراق رفض عرضا من الملك فيصل الاول أن يكون شاعر البلاط، وترتّبت على حملته القائمة فصله من الوظيفة" في العدلية "ثم دعواته الى المثقفين أن لايبيعوا انفسهم الى الحكومات". الزهاوي، دراسات ونصوص، جمع واعداد عبد الحميد الرشودي")، لأن الزهاوي (عند تأسيس الحكومة العراقية عيّن عضوا في مجلس الاعيان)، ولأن طموحاته اكبر ولأن تعيينه في مجلس الاعيان لايمثل منتهى طموحه حيث كان يمني نفسه بأن يكون شاعر البلاط، أحس بخيبة مساعيه وخاطب نفسه : 
أين عزي في دولة الأتراكأنا مما فقدته أنا  باكي
 ان الزهاوي ركب تيار مصلحته الشخصية بما في ذلك مدحه للانكليز،  ومادعوته للمثقفين كي لايبيعوا انفسهم للحكام الا دليل على ركضه وراء مصالحه، فمن يمدح الحكام أفضل واقرب للوطنية ـ بعض الشيء ـ ممن يمدح الاجنبي، مع ان المديح كله مديح، وبين المادح والممدوح تكسّب ومكافأة .
 
     إنّ التناقض هو السمة الواضحة لمواقف الزهاوي، والا فماذا نسمي مدحه  لـ (برسي كوكس) الذي وصل الى العراق العام 1920م ، قائلا: 
 
عد للعراق وأصلح منه ما فسدا   وابثث به العدل وامنح أهله الرغـدا
الشعب فيه عليك اليوم معتمـد   فيما يكون كما قد كــــــــان معتمـــدا
 ثم يأتي موقفه من ثورة العشرين وبين المدافع عنه والمتهم له بتخليه عن الثوار، ويبدو ان لكل وجهة من وجهات الزهاوي نقادا وكتّابا مدافعين واخرين متفحّصين للحقيقة كما هي؛ فأمّا المدافعون فهمهم السياسة واشياء اخرى بعيدة عن الأدب والشعر ونقده على وجه الخصوص، ولا انصع دليلا من ذهاب هلال ناجي خلف الدعوة القومية لانشاء دولة عربية، غاضا النظر عن قول الزهاوي: "إين عزي في دولة الاتراك" !! . 
وامعانا في تقلّب الزهاوي وبينما كان ينشر في جريدة محتجبة اسمها "الشرق" كانت لسان حال المندوب السامي، يردّ عليه شاعر ثورة العشربن محمد مهدي البصير : 
 
اذا كنت تعلم أن الامورمع الدهر لا بدَّ ان تنقلب
فمالك تيأس مستسلماًاذا مارأيت ضعيفا غلب
 
ويعقب ـ أيضا ـ على قول الزهاوي : 
النواميس قضت أن     لايعيش الضعفاء
ان من كان ضعيفاأكلته الأقويـــــاء
بقوله : 
الكون لاينفك يخفض رايةويعير اخرى في الكفاح رفيفا
هيهات لايبقى القوي مسيطرافيه ولا يبقى الضعيف ضعيفا
   
وهكذا يتضح تقلّب مواقف الزهاوي، لكي يحقق تكسبا من نوع اخر وهو الحصول على منصب او وظيفة، او الحصول على لقب شاعر البلاط .