حسن إدارة المال بين الزوجين يعززّ الاستقرار الأسري

اسرة ومجتمع 2025/02/23
...

  سعاد البياتي 


وسيلة وليس غاية، هل المقولة صحيحة؟ وهل هو بالفعل(وسخ دنيا) كما يقولون؟.

لا شك أن المال مهم في إعانتنا على تحقيق المعيشة والحياة المتوازنة نوعاً ما، ويسهم أحياناً في حل الكثير من القضايا الاجتماعية والصحية، وإن قيمته الأساسية تكمن في عدم الحاجة إلى الآخرين أو يكون سبباً في الخلافات الزوجية، كما صرح بعض الأزواج، إذ كانت الحالة المادية السبب الرئيس في العديد من القضايا الأسرية والخلافات!.

طمأنينة ورفاهية

تقول لمى عبد الله، مدرسة ثانوية :»نحمد الله ليل نهار على نعمة الاستقلال المادي الذي منحني فسحة من الطمأنينة والرفاهية، وجعل أسرتي تتمتع بما ينفق من مصاريف تجعلها في موضع الراحة النفسية، رغم أن زوجي له راتبه ووضعه الوظيفي ويتكفل ببعض احتياجات البيت والأولاد، لذا فالمال هو جزء كبير من الحياة الزوجية الهادئة والمستقرة، طالما هي بعيدة عن المنغصات المادية التي كثيرًا ما تسبب التداعيات الأسرية وقضايا الانفصال».

وتدعو مريم سعيد، ربة بيت النساء إلى التريث في جعل المال هو كل شيء، رغم الحاجة له وكونه الوسيلة للعيش بشكل مريح، إلا أنه في بعض الأحيان يكون أحد المنغصات للأسرة في حال البذخ والاستدانة والصرف في غير محله.

وروت مريم قصتها حينما عانت في أحد الأعوام من قلة المال وحاجتها إلى علاج زوجها في المستشفيات الخاصة، ولم يتوفر لها المبلغ الكافي، لذا اضطرت للجوء إلى أحد أقاربها لتسليفها المبلغ لإجراء العملية، ومن هنا وحسب قولها، فإن المال ضروري وليس حاجة عابرة فهو أساسي في العيش، لا سيما في هذا الزمن الذي أصبح فيه المال حلاً لكل الأمور المعيشية والصحية والدراسية. 

ويلفت مرتضى عبد الله إلى أن المال وسيلة لتسهيل أمورنا المعيشية، فالمهم أن يكون الإنسان بصحة جيدة وراحة بال، وليس همه أن يجمع المال ويخزنه، ويبخل على أسرته ونفسه، لا سيما أن الحياة اليوم أصبحت لها متطلبات عديدة في وجود أسرة وأولاد، واحتياجاتهم كثيرة في ظل التطور والتكنولوجيا.


كنز القناعة

الدكتور عبد عون عبود المسعودي، خبير الإرشاد النفسي، أفاد بالقول: المال هو مفهوم شامل لكل ما يمتلكه الإنسان من  عملة نقدية أو مجوهرات وعقارات وأشياء ثمينة ....الخ، وقد احتاج الإنسان المال منذ العصور القديمة لأغراض البيع والشراء، إذ كان يقايض ما يمتلكه من سلع زراعية بسلع أخرى لا يمتلكها وهكذا تطور الأمر حتى عصرنا الحاضر، ويقول ماسلو، مؤسس المدرسة الإنسانية في علم النفس وصاحب نظرية الحاجات إن لدى الإنسان مجموعة من الحاجات التي وضعها على شكل هرم، يبدأ بالحاجة إلى الهواء والماء والغذاء والجنس، ثم الحاجة للأمن، والانتماء والحب، وتقدير الذات والتعلم، ولو نظرنا إلى جميع حاجاتنا نجد أنه لا يمكن تحقيق أغلبها إلا بوجود المال، إذ نستطيع القول إنه وسيلة لتحقيق الذات، وخصوصاً في زمننا الحاضر، إذ نرى سباقاً وصراعاً شديداً بين البشر للحصول على المال بطرق شرعية وغير شرعية، سواء على مستوى الفرد أو على مستوى الجماعة، ومما يؤسف له أن حالات الجشع وسرقة المال وصلت حد الاقتتال بين الناس وبدون رادع ديني أو قانوني واجتماعي، كما يمكن القول إن المال أصبح لدى البعض هو غاية بحد ذاتها..

من جهته يقول المحامي حسن عودة موضحاً «حينما ينظر الأزواج إلى المال على أنه عنصر مهم في الحياة سيكون بالتأكيد سبباً رئيساً في المشكلات الزوجية، فالعديد من الحالات التي ترد إلى المحاكم وتطلب الطلاق سببها الحالة المادية بالدرجة الأولى، فمن الحالات أن يكون الزوج عاطلاً عن العمل أو يعمل بالأجور اليومية الضئيلة بحيث لا يؤمن مصاريف الأسرة ومتطلباتها، وهنا تبرز المشكلة وتكون سبباً لذلك، فالمال حسب عودة عنصر مهم وضروري وليس غاية، بل يعتمد عليه في العديد من الحالات بل كلها.   

ولا بد من تجنب الخلافات المالية بين الزوجين عن طريق المصارحة وكشف الحقيقة الاقتصادية للأسرة، وذلك قبل الدخول في مرحلة الزواج، حيث لا بد من تعريف الفتاة ومصارحتها بالإمكانيات المادية والاستعداد للتعاون منذ البدء لبناء أسرة سعيدة، بعيداً عن المتطلبات المادية الباهظة، موضحاً أن الزوجة إذا لم تكن تعلم بمستوى زوجها المادي منذ البداية، لا سيما حينما يكون الزوج مستديناً لإتمام الزواج، فستكون الفجوة واضحة وكبيرة، وستفضي الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.


قروض وزواج

وتؤكد الباحثة الاجتماعية فاطمة الهلالي «تردني شكاوى من الأزواج الذين قدموا طلبات التفريق، بأن الزوج بخيل جداً وحريص على جمع المال دون أن يتم انفاقه على أسرته، وقضايا أخرى تتعلق بفقر الزوج المادي وقلة إمكانياته، وبأن زواجه تم بالاستدانة والقروض، ما صعب عليه التسديد وتراكمت عليه المشكلات جراء ذلك، مما يفضي إلى تذمر الزوجة وهروبها أما إلى بيت أهلها أو إلى أبغض الحلال! وتعتقد الهلالي أن المال وتوفير الحياة الجيدة أساس نجاح العلاقة الزوجية، وعدمه له تأثير سلبي كبير.