أول أيام الشهر الفضيل .. تقاليد متوارثةٌ وموائد عامرة

اسرة ومجتمع 2025/03/02
...

  بغداد: غيداء البياتي 


ما يميز التقليد الرمضاني السنوي لأسرة الحاج سامي العزاوي المتكونة من سبعة اشخاص، فضلا عن أربعة احفاد هو مائدة الافطار الخاصة باليوم الأول من رمضان، والتي اعتاد افراد تلك الأسرة التجمع حولها سنويا دون تغييب، حسب قول العزاوي ويضيف:» في اليوم الاول من شهر رمضان في كل عام يتخلص الجميع من مشاغل الحياة بغية التفرغ للقاء العائلة في البيت الكبير، فتستنفر أم الأولاد جهودها من اجل تجهيز ما لذ وطاب لتك المائدة العراقية المعروفة بالكرم لأفطار الجميع في ذلك اللقاء السنوي الموعود، الذي يعد فرصة للم شمل العائلة، نعم فهي أوقات تمتزج فيها الروحانية بالترابط الاجتماعي والمحبة، حيث الدعاء والصلاة ومن ثم الإفطار، مؤكدا؛ أنه يشعر مع أسرته على مائدة الافطار بالتلاحم والتقارب، وهو يشير إلى أن مائدة الإفطار، التي تجمع جميع أفراد العائلة، لا سيما في اليوم الأول من رمضان لا تعني فقط ملء البطون بل هي تسهم في غرس قيم المحبة والاحترام والتواصل في نفوس الابناء؛ كما أن لتلك المائدة فائدة كبيرة لأنها تعلم الصغار آداب الطعام وتعودهم على فضائل الصوم».

العزاوي يسترسل حديثه وهو يتحسر على ما مر عليه ورحل من أيام زمان، سواء من الأهل أو الأقارب فيقول:» بالرغم من السعادة الكبيرة التي تغمرني بتجمع ابنائي واحفادي على مائدة الإفطار لا سيما في اول ايام الشهر الفضيل، إلا أني اشعر وكأن قلبي ينقبض حسرة واشتياقا لوالداي رحمهما الله وكل من فارق الحياة من بقية افراد عائلتي، فيعز علي الماضي واشتاق الى ايام الزمن الجميل، لكن عندما ارى أولادي يسيرون على نهج ما اعتدت عليه في شبابي اشعر بفضل الله واشكر نعمته على التواصل».


الأخت الكبرى 

اما ام مقداد «63» عاما فهي تحرص على أن تجمع العائلة في اول يوم من شهر رمضان، وتجعلها عادة سنوية كما بينت بالقول:» أنا الأخت الكبرى من بين أفراد عائلتي المتكونة من أربع بنات وثلاثة أخوة، وجميعنا لديهم أسر وبسبب كثرة الانشغالات والالتزامات اليومية واختلاف مناطق السكن، أيضا بسبب الازدحام المروري، التي تحول دون لقائنا بشكل مستمر، فقد أرى في أول أيام الشهر الفضيل فرصة سعيدة للم أسرتي، وكل أفراد عائلتي من الإخوة والأخوات وأولادهم وأزواجهم على مائدة الإفطار الموحدة لكل الصائمين، حيث كان هذا التجمع العائلي في بيتنا الكبير بوجود الوالدين وبعد غيابهما رحمهما الله أخذت على عاتقي جمع العائلة في أول يوم من رمضان في كل عام على مائدة الإفطار، ولا يمكن لأي فرد منهم الاعتذار أو التخلف عن الحضور بأي حجة كانت».

أم مقداد أكدت أنها بهذا اليوم الفضيل تشعر بفيض كبير من الإحساس العميق بأهمية الأسرة، من خلال هذا اللقاء، وانها تسعى في ذلك التجمع الى تعزيز الروابط بين أبناء الإخوة والأخوات، من أجل أن يعتادوا على العيش في الجو الأسري، كذلك من أجل ان يتعلم جميع الأولاد والأبناء منا تلك العادة المتأصلة في العائلة، التي تصل الأرحام على حد قولها، كما أنها تتساءل لماذا لا تكون كل أيامنا رمضان؟  


الرأي الاجتماعي 

الباحثة في علم الاجتماع بمنظمة «WTVC» تقوى سعد قالت «إن العائلة العراقية الان تفقد شعور في غاية الأهمية إلا وهو مشاركة موائد الطعام مع أفراد الأسرة لما له من اهمية في تربية وتقويم الأبناء، وللأسف نرى أن اغلب الافراد حتى لو اجتمعوا فأن بعضهم يحرص على الإمساك بهاتفه ويقضي طوال تناوله للطعام في اللعب والتصفح بالانترنت فنراهم متواجدين جسدا بلا روح حول المائدة، هذا ما فرضته حياتنا المعاصرة والتكنولوجيا الحديثة، كما أن اختلاف مواعيد الدراسة والعمل بين أفراد الأسرة يحول دون تجمعهم على مائدة واحدة، لكن خلال شهر رمضان تكون هنالك فرصة جميلة وجيدة لإعادة لم الشمل  سيما على مائدة الافطار، التي توحد مواعيد الجميع وتعزز روح المودة والتقارب والمشاركة بينهم، فأيام هذا الشهر تعد موسم التجمع بين الأهل والاقارب، حيث تتسم بتلك الطقوس المتوارثة التي تحث على تواصل الأرحام والتقارب بين الناس».

سعد أكدت أن «مائدة أول يوم من رمضان تتمتع بمذاق رائع وطقوس جميلة، لأن الكل فيها يسعى إلى التجمع وتناول الطعام، وفيها يتم تعزيز الايمان والخشوع والتقرب من الله، كما أن في تلك المائدة فوائد لا تقدر بثمن أولها تقويم الأبناء وتعزيز الثقة بأنفسهم خلال تبادل الحديث معهم وجعلهم يفصحون عما بداخلهم، وغيرها من الفوائد وهناك قول لنجيب محفوظ  هو « الثروة الحقيقية التي لا تقدر بثمن، بيت آمن، علاقات دافئة، وجسد معافى، ولقمة هنية وبال مطمئن»، وكل تلك الأشياء ممكن أن تكون بين أفراد العائلة خلال مائدة الإفطار في رمضان».