بغداد: نور نجاح عبد الله
منذ أن كانت العروس تنقل مشياً على الأقدام بثوب بسيط من بيت اهلها الى بيت اهل العريس او بوسائل نقل بسيطة ومختصرة وحتى بأسلوب اعتيادي غير مبالغ فيه، إلى أن أصبحت حفلات الزفاف مشاهد من البذخ والرفاهية والاساليب غير اللائقة، فقد تحولت الأعراس إلى مرآة تعكس تحولات المجتمع، بعيدا عن التقاليد المتعارف عليها، بينما يواكب الجيل الجديد تكنولوجيا العصر وأسلوبه، ما زالت الأسر متمسكة بتقاليد الماضي، مما يخلق تباينا واضحاً بين قيم الأجداد وأحلام الأبناء يصبح بالتالي الزواج تفاخراً وأكثر كلفة عما كان عليه في الماضي من بساطة وعفوية.
في حديثها لـ “الصباح”، أوضحت منسقة الحفلات هديل نجم عبد أن العادات والتقاليد الأساسية للأعراس لم تتغير، لكن التغيير الذي شهدته الأعراس الحديثة كان في المظاهر والشكليات فقط، وأشارت إلى أن البذخ والزخارف لم تعد مقتصرة على حفلات الزفاف، بل امتد ليشمل قاعات المناقشات الجامعية حتى مراسم العزاء، مما يعكس تحولًا في ثقافة المجتمع نحو الاهتمام بالمظاهر
وأضافت عبد أن أحدث الصيحات في تنظيم الأعراس اليوم تتمثل في استخدام الخيم أو تزيين الحدائق والمرائب، وهي صيحة تقترب من الأعراس الهندية، وذكرت أنه عندما بدأت في مجال تنظيم الأعراس، كان الطلب مقتصرا على الكوشات التقليدية، لكن مع مرور الوقت تطور الأمر ليشمل الكوشات التركية والبغدادية والجلوة الخليجية، لتلبية رغبات الزبائن المتنوعة
جلسة تصوير
من جانبه، أوضح المصور محمد الشمري، أن الأعراس قديما كانت جدًا بسيطة يأتي العرسان الى استوديو التصوير لأخذ بعض اللقطات فقط، اما اليوم فقد أصبح الموضوع أكبر فاتجه العرسان الى اختيار اللقطات المنمقة، والبعض الآخر يؤجر سيارات حديثة كي يصور باللوكيشن، واغلبهم يذهب الى تأجير أماكن فارهة فقط للتصوير تدعى (جلسة تصوير) التي تكلف مبالغ مالية كبيرة ، وهي بالتالي ترف مؤقت وغير مجد.
ضغوطاتٌ أسريَّة
الباحث الاجتماعي ولي الخفاجي بين إلى أن العادات المرتبطة بالأعراس في المجتمع العراقي قد شهدت تحولا كبيرا من البساطة إلى التعقيد، موضحا أنه في الماضي كانت الأعراس تتسم بالعفوية، حيث تبدأ من الخطبة وتنتهي بالعرس دون العديد من التعقيدات، لكن مع مرور الوقت، وتغير الوضع الاجتماعي، أصبحت الأعراس أكثر تعقيدا، وأصبح من الضروري إقامة القاعات، إلى جانب إضافة مراسم وصفها بـ”الدخيلة على الطقوس التقليدية
وأكد الخفاجي أن هذه التغيرات تؤثر بشكل كبير في العلاقات الاجتماعية، مشيرا إلى أن فرض هذه العادات والممارسات على الأفراد ليس قضية فردية، بل هي أمر ينعكس على الأسرة والمجتمع ككل، وأوضح أن كل فرد أصبح يسعى إلى تطبيق آرائه الخاصة في إطار هذه التقاليد، ما يؤدي إلى تزايد التوترات والضغوط الأسرية.
وأشار إلى أن هذه التغيرات تعكس تحولا في القيم الاجتماعية التي تعد من إرث الأجيال السابقة، فالأجيال الجديدة تتبع ما يرونه في الأعراس من محيطهم الاجتماعي، متسائلًا: “لماذا تقوم فلانة بفعل هذا ولا أفعله أنا؟” وهي ظاهرة تعرف بالعدوى الاجتماعية.
وأصبح من المعتاد أن يلجأ العريس إلى الاقتراض من الأصدقاء أو الأقارب لسداد متطلبات العرس، ما يضعه في مواجهة ديون كبيرة قد تثقل كاهله بعد الزفاف، وأكد أن هذه التغيرات تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على المجتمع، مما يخلق ضغوطا اجتماعية ونفسية تنعكس على حياة الأفراد والعلاقات الأسرية.