بغداد: مهند عبد الوهاب
في خطوة تهدف إلى تحديث الإطار القانوني لتنظيم آلية تعيين وتدريب خريجي المهن الطبية والصحية، تستعد لجنة الصحة والبيئة النيابية لعرض التعديل الرابع لقانون التدرج الطبي رقم (6) لسنة 2000، خلال جلسة البرلمان هذا اليوم الاثنين، والذي يهدف إلى إعادة النظر في إلزامية تعيين خريجي كليات الطب والصيدلة والتمريض وبعض التخصصات الصحية الأخرى، بما يضمن توافق عملية التوظيف مع احتياجات المؤسسات الصحية الفعلية.
وقال رئيس اللجنة، ماجد شنكالي، لـ"الصباح": إن "القانون المعمول به منذ عام 2000 كان يهدف إلى ضمان تدريب الخريجين الجدد داخل المؤسسات الصحية الحكومية قبل السماح لهم بمزاولة المهنة في القطاعين العام أو الخاص، إلا أن التوسع في إنشاء الكليات الأهلية وزيادة أعداد الخريجين أدى إلى تحديات كبيرة في استيعابهم جميعاً ضمن المرافق الصحية الحكومية".
وأوضح، أن "التعديل الجديد المقترح يسعى إلى جعل التعيين وفقاً لاحتياجات وزارة الصحة، بدلاً من كونه إلزامياً، وبموجب هذا التعديل، ستحدد الوزارة سنوياً العدد المطلوب من الخريجين في مختلف التخصصات الطبية والصحية، مما يحقق توازناً بين عدد الكوادر المتاحة والاحتياجات الفعلية للمؤسسات الصحية".
وأشار إلى، أن "التعديل سيطبّق فقط على الخريجين الذين سيتخرجون بعد عام 2025"، كما لفت إلى أن "مجلس النواب أكمل القراءة الأولى للتعديل، إلا أن تأخر انعقاد الجلسات حال دون استكمال القراءة الثانية والمضي قدماً في مناقشته والتصويت عليه".
وأكد، أن "التعديل المقترح لا يعني إلغاء التدريب الإلزامي للخريجين، بل سيشمل آليات بديلة تضمن حصولهم على التدريب المطلوب قبل مزاولة المهنة"، معتبراً أن "هذه الخطوة تأتي في إطار المبادرات التشريعية النيابية وليست كمشروع قانون حكومي".
ملف تعيين الخريجين
من جانبها، ذكرت عضو لجنة الصحة النيابية، ثناء الزجراوي، أن اللجنة ناقشت مع الجهات المعنية في وزارتي الصحة والمالية ملف تعيين خريجي الكليات والمعاهد الطبية والصحية للعامين 2023 و2024.
وأوضحت الزجراوي، في حديث لـ"الصباح"، أن "اللجنة أعدت تقريراً مفصلاً عن أعداد الخريجين واحتياجات القطاع الصحي، وتم رفعه إلى مجلس الوزراء لإدراجه ضمن موازنة 2025"، وشددت على أن "تعديل قانون التدرج الطبي لن يؤثر في تعيين دفعات 2023 و2024، حيث تعمل اللجنة على تضمين نصٍّ قانوني واضح يضمن حقوقهم"، مشيرةً إلى أن "الجهود مستمرة لتوفير فرص عمل مناسبة لهم في مختلف المؤسسات الصحية". وأضافت، أن "التعديل الرابع لقانون التدرج الطبي يعدُّ خطوة حاسمة نحو معالجة تحديات تعيين خريجي المهن الطبية في ظل التزايد المستمر لأعدادهم، مع الحفاظ على جودة التدريب وضمان تلبية احتياجات المؤسسات الصحية"، مؤكدة أن "التوازن بين توفير فرص العمل وتحقيق استدامة القطاع الصحي، يبقى هدفاً رئيسياً تسعى إليه لجنة الصحة النيابية من خلال هذا التعديل".
جمعية المهن الصحية
من جهته، قال العضو المؤسس لجمعية ذوي المهن الصحية العليا، مظفر عبد المجيد إبراهيم، في حديث لـ"الصباح": إن "قانون ذوي المهن الطبية والصحية رقم 6 لسنة 2000 وتعديلاته جاء ليشكل تقنيناً حديثاً وشاملاً لعددٍ من القوانين السابقة"، موضحاً أن "هذا القانون جاء ليجمع بين تلك التشريعات المختلفة ويضع إطاراً موحداً ينظم عمل ذوي المهن الطبية والصحية".
وأضاف، أن "مناقشة القانون عند إقراره تمت بحضور ممثلين عن ذوي المهن الطبية والصحية، والنقابات والكليات المعنية، إلى جانب ممثلين عن وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والصحة، وقد جرى الاتفاق آنذاك على أن القانون يشكّل مرحلة تقنين أولية، على أن يتم لاحقاً تعديله بما يواكب الاحتياجات المتغيرة للقطاعين الطبي والصحي".
وأشار إلى، أن "التعديل المقترح حينها تضمن الفصل بين القطاعين العام والخاص، كما لم ينص على أن يكون التعيين إلزامياً، بل ترك الباب مفتوحاً أمام الخريجين للعمل في كل من القطاعين الحكومي والخاص، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى تزايد أعداد الخريجين، في حين أن الدرجات الوظيفية الحكومية غير قادرة على استيعابهم جميعاً، ولذلك، فإن الغاية الأساسية من القانون لا تقتصر على التوظيف، بل تشمل كذلك استكمال متطلبات التعليم والتدريب المهني لذوي المهن الطبية والصحية، لأن القطاع الصحي، بشقيه الطبي والتمريضي، يتطلب دراسات طويلة وبرامج تدريب متخصصة نظراً لطبيعته الحساسة وتأثيره المباشر في صحة الإنسان الجسدية والنفسية".
وأضاف إبراهيم، أن "التوازن في القانون يركّز على الجوانب التدريبية، وليس فقط على التعيينات والدرجات الوظيفية، حيث أن الهدف الأساسي يتمثل في ضمان تأهيل ذوي المهن الطبية والصحية بعد استكمال دراستهم الأكاديمية في المعاهد والكليات الطبية، فضلاً عن الدراسات العليا"، مبيناً أنه "مع تزايد أعداد الخريجين، برزت الحاجة إلى وضع خطط ستراتيجية تضمن تأهيلهم وفق معايير تدريبية عالية، إلى جانب البحث عن حلول عملية لتنظيم فرص العمل، سواء في المؤسسات الحكومية أو بالشراكة مع القطاع الخاص".
وتابع: أن "جمعية ذوي المهن الصحية العليا اقترحت إيقاف القبول في المعاهد الطبية التقنية وتجسيرهم إلى كلية طب تقني، نظراً لتزايد أعداد الطلبة الملتحقين بها، والتركيز بدلاً من ذلك على إنشاء كليات طب تقني تمنح شهادة البكالوريوس، مع وضع برامج تدريبية تضمن تحقيق معايير الجودة في تأهيل الخريجين"، وأكد أن "هذه الخطوة من شأنها الارتقاء بالمستوى الأكاديمي والتدريبي لذوي المهن الطبية والصحية، وتحقيق توازن بين أعداد الخريجين وقدرة سوق العمل على استيعابهم".