ما الذي يجبر الاديب في خضم صياغة لغته (السردية) او (الشعرية) ان يضخ الحمولة الدلالية الواسعة من (الإيروتيكيّةُ)، سؤال مهم عن تمظهر ساد في الآونة الاخيرة واصبح ذا سيادة ثيميّة في مجمل الاعمال الادبية التي تتصدر المشهد الادبي بتمفصلاته كافة، ليس على مستوى الادب وحسب حتى لا نحصر المسألة باعتباطية مفرطة، بل الامر متعلق كذلك في الفنون (السينمائية) وبخاصة الغربية والعربية وحتى تلك الرائجة في الشرق بصورة عامة، والامر متعلق ايضا بمرجعيات تمتد الى الثقافة اليونانية الاغريقية القديمة والنظرة لمفهوم يتجذر مع الحب، والخصب، والنماء وانجذاب الرجال لتلك المفاهيم، وهذه التعالقات المختصة بالجانب العاطفي الذي يبدو انه كان يتلاحم كثيرا في بعض المفاهيم الاسطورية القديمة، لينتج لنا ادبا معاصرا يقتفي الاثر السالف، في محاولة العودة بالادب الى الجذور الاولى التي بدأ منها، هل هي الاخرى محاولة للهروب من فراغ الواقع او
استاتيكيته؟
او ان الواقع بدأ ينتج ما يسمى بالتقريرية المباشرة، هل هذا يعني ان مشاهد علاقات الحب وعلاقة الرجل بالمرأة بكافة تفصيلاتها انما هي محاولة لفكّ شفرة عقد المجتمعات الشرقية او المسكوت عنه في ثقافتها والمضمر منها والقابع في منظومة (الخفاء) والمحرّم، أم هي محاولة الخروج عن سكة معتاد المقولات المختصّة بحياة الناس واتجاه معيشتهم وانتمائهم القبلي والفكري وحتى النفسي
، وربما العوامل السيكولوجية وعلى وفق نظريات النمساوي (سيجموند فرويد) هي الاخرى تتصل بهذه الاشكالية، وتنظر لها وعلى وفق قراءة مستوى وعي الفرد وعلاقته بالاخر والاصل في هذه العلاقة والرغبات المتعلقة بها، ومن ثمَّ تكشف عن البعد الدالّ في اعماق الشخصية، سواء الشخصية التي تكتب او الشخصية التي تُحرك داخل منظومة الادب سردا وشعرا، وربما يتساءل احدنا حول امكانية احداث الخلل والسببية من عدمه من خلال حذف مشاهد (العلاقات الايروتيكيّة) في بعض روايات علي بدر مثلا او احسان عبد القدوس او غيرهم، مثلا التونسي حبيب السالمي ورواية بكارة
، ورواية بائع الهوى للسوري جميل نهرا، واغانيات اللبناني سامي معروف، وسدوم عبد الحميد شوقي، وعذارى لندنستان لحنان الشيخ، او حتى نص قراءة في نهدين أفريقيين لنزار قباني، يجب ان نؤكد على مسألة بناء ثيمة تلك الاعمال وقائميتها هل ضمن ابطالها في بنائها الشكل والمضموني (الايروتيك) ام مجرد وصف يندرج ضمنياً باطار العمل الابداعي، هل لو ان مقص رقيب التلقي ازال تلك المشاهد، تبقى النصوص محافظة على تواليتها الابداعية، ام ان المؤلف يتكئ في بعض الاحيان على الايروتيك (كاسلوب كتابة)؟ الا يخشى المؤلف من تحول تلك الاعمال الى برنوغرافيا؟ تدخل ضمن اطر المحظورات والمؤلفات الممنوعة من العرض في المعارض الخاصة بالكتاب وبذلك يفقد اهم محور في عملية ارسال الرسالة الادبية... اعتقد انها اشكالية كبرى اصبح الاديب يلتجئ لها لتمرير العديد من الفلسفة الحياتية، وحتى النفسية وارهاصات الواقع، واحيانا يغلب على بعض تلك الاساليب الشكلية المفرطة والمشاهد الباردة المحشورة عنوة في بناء وصياغة النص وتأثيثه بصورة تشويقية في محاولة ابهار المتلقي دونما أي اعتبار فني ادبي اخر، وانما نابع من فكر (المؤلف) المسبق ازاء الحياة وسيرورتها وما يجب ان تكون عليه رسالته الادبية الموجهة الى الاخر بصورة شكلانيّة واعية او لا واعية حتى.