تأبينا للشاعر فوزي كريم، في اربعينيته، أقامت رابطة القلم الدولية / فرع العراق، حفلا استذكاريا، مساء أمس.. السبت.. على قاعة مركز ثقافات بابل، في شارع ابي نؤاس.
أدار الحفل الشاعر د. علي الشلاه.. رئيس الفرع، وشارك فيه الناقد فاضل ثامر والقاصان حميد المختار وعامر حمزة والشاعران حميد قاسم ود. هيثم الزبيدي.
استهلها الشاعر الشلاه، بالقول: “مساء فوزي.. ابيض مثل قلبه وطيبته وعشقه.. شاعراً ورساما وناقدا يهوى الموسيقى.. رحل غريبا في لندن” مؤكدا: “التقيته لاول مرة بمناسبة لحظته الشعرية.. المجلة التي يصدرها في الغربة، وشاء العام 1992 ان يضمنها ملفا عن الشعر داخل العراق”.
وأضاف: “لمست فيه تناقض الشاعر وطيبته، لاذعا بكلمات هادئة، وتوطدت صداقتي به في لوزان السويسرية، عندما حضر الدورة الاولى من مهرجان المتنبي، مع القاص سعيد جبار فرحان، الذي اصبح من اشهر رسامي سويسرا” متابعا: “كان فوزي يرى المشهد كاملا، يحاول اطلاق الاحكام؛ لذا من واجبنا نحن والمؤسسات كافة.. اتحاد الادباء وجمعية التشكيليين ونقابتي الفنانين والصحفيين واتحاد الموسيقيين ان نحتفي بفوزي في حياته ومماته” مقترحا درج إحدى قصائده ضمن مناهج التعليم المدرسي والجامعي، في العراق.
ابو نؤاس
أول المتحدثين الناقد فاضل ثامر: “هذا المبنى يحمل نكهة الماضي، فانا ولدت في البتاويين وابو نؤاس ملعب صباي” مشيرا الى ان: “فوزي كريم لا ينسى من ذاكرة الثقافة، فهو شاعر وناقد من طراز نادر.. يحب الموسيقى ويرسم في دواوينه.. يحب كل شيء.. يستخدم القلم بطريقته الخاصة، انه مثقف شامل، عرفته في الستينيات، ولي شرف ان اكون من اوائل الذين كتبوا عنه، حيث استقبل ما كتبت بفرح”.
وبين فاضل ثامر: “ارخ في شعره ثيمات الاحساس بالوحشة والكآبة والحزن تلكما الثلاث صفات اللواتي هيمن عليه” موضحا: “حاول تجسيد الواقع في شعره وسلوكه، بحيث يذهب على الدراجة الهوائية الى عمله في مجلة الف باء، شخصية تبدو منعزلة لكن في داخله انتماء للآخر، يحلم بنظام جديد في العراق.. متألما بعزلته ومتماهيا مع ابي العلاء المعري.. عاش للموسيقى، مؤثرا في الثقافة، يتخلف عن الندوات لاسباب نفسية يظنها الناس تعاليا”.
ويرى ثامر ان: “لديه اتجاهاً فلسفياً، وقد ناقشت دواوينه فوجدت فيها تحولات اساسية، يتحدث عن الشعر باعتباره تعبيرا عن الاشياء، ايمانا منه بالاشياء وليس الكلمات المجردة.. المحسوس بدل المجرد، واع في دراساته.. يبدو صادما لقرائه، متجنبا المباشرة في التعبير عن المعاناة”.
رسم وموسيقى
بدوره قال القاص حميد المختار: “فوزي شاعر ابتعد عن السياسة، فاستطاع التنويع في تجربته.. اهتم بالموسيقى والرسم، موجدا نقاط التقاء بين هذه الفنون، متوحدا مع ذاته ومتصالحا معها” كما أشار الى انه: “يبحث عن الوحدة والانكسار الداخلي والرعب في دخوله المتاهة، ولا يحب رفع الرايات للافكار والاغراض التي تجعل الشاعر مندمجا وضائعا مع القطيع، لهذا صار شاعرا متفردا ومجتهدا بعيداً عن الاغراءات والاملاءات السياسية”.
محافظاً شعريا
استغرب الشاعر حميد قاسم، في حديثه على المنصة، من كون الراحل فوزي كريم: “متمرداً اجتماعيا ومحافظاً شعريا.. ضد قصيدة النثر.. لا يعترف بغير التفعيلة” مواصلا: “واحد من اهم أبناء جيل الستينيات.. شعرا وتنظيرا”.
ومن جهته قال الشاعر قاسم: “تعرفت اليه طفلا، في الشاكرية.. صديق اخي الاكبر.. يلعبان كرة قدم.. كان معروفاً بالدراجة الهوائية السوداء والحقيبة.. يذهب بها الى الاذاعة والتلفزيون واتحاد الادباء، علمنا حب الشعر والقراءة والموسيقى وتذوق الجمال.. بفضله”. ولفت الى ان الراحل: “ارتبطت حياته بالموسيقى، وألف كتاب “فضائل الموسيقى” غادر العراق مبكرا الى لندن؛ رافضا التسلط” مفيدا: “صوته جميل.. يغني لمحمد عبد الوهاب، شجعني على الكتابة انا وجيل كامل نسهر انا واياه وزاهر الجيزاني وخزعل الماجدي وابراهيم رشيد”.
محاولة كونية
عما سمعه ممن عاشروا الراحل، نوه القاص عامر حمزة الى انه “كان بسيطا.. شفافا.. متواضعا.. هذا ما سمعته ممن عاشروه، قرأت عنه فوجدت فيه تراثا جماليا وباحثا ودارسا للموسيقى.. من وحيها يكتب الشعر” مرجحا: “يتنفس موسيقى.. هكذا توحي قصائده، تواصل هازما أزماته، في محاولة للوصول الى الكونية”.
الكتاب صلة
لم يلتق به الشاعر د. هيثم الزبيدي، لكن كونه شاعرا واكاديميا، تواصل معه عبر الكتاب، ذاكرا: “اجد الصلة من خلال الكتاب، والقصائد توازي العلاقة الشخصية، فهو واسع الملكات، كونه شاعرا ورساما وموسيقيا، ذا منجز يمتد من 1968، واستمر لغاية 2018.. اي خمسين عاما من الشعر.. عاشها”.
وأعلن الزبيدي: “وجدت في شعر فوزي كريم ما هو جدير بالدراسة، كوني استاذا اكاديميا لمادة الشعر” مكملا: “لديه حضور لافت للطبيعة، منذ اول ديوان الى آخر قصيدة.. الطبيعة في شعره تتطور”.
وتحدث د. فلاح الخطاط لـ “الصباح” عن الشاعر الراحل فوزي كريم: “تمكن من تحقيق اسم في الثقافة العراقية والعربية والعالمية.. بجدارة، فهو واحد من المثقفين التنويريين، ذو رصانة وخلق راق”.