تشاءمت العرب بشهر صفر، الثاني في السنة القمرية أو التقويم الهجري، تاليا على مُحَرَّم وسابقا على ربيع الأول، إذ كان اسمه "نَاجِر" قبل الاسلام، وسمي "صفر" لإصفار مكَّة من أهلها.. أي خلّوها منهم، متجهين لغزو القبائل المحيطة بمكة، تاركين من يلقوا صِفْراً من المتاع.. أي يسلبونه متاعه فيصبح لا متاع له؛ لذلك تشاءموا منه؛ لأنه فاتحة أشهر القتال، بعد الحرم الثلاث، حسب "لسان العرب" لابن منظور.
وقال الشيخ عامر البياتي.. الناطق الرسمي لدار الافتاء العراقية: ان كل هذه الاعتقادات والتشاؤمات باطلة، ولايوجد دليل شرعي لا بالكتاب ولا بالسنة، انما هي اقوال الناس ولانأخذ باقوالهم مهما كانت؛ علينا ان نتبع سنة الله وحبيبه المصطفى (ص) ولانكون من اصحاب التطاير، الذين يحيطون حياتهم ويسجنون انفسهم ويصبحون اسرى هذه المعتقدات" مؤكدا: "انها ليست من شرع الله انما من دين
العجائز".وبرر أستاذ علم الاجتماع م. مجيد خدوري: "لا يصح تعميم قناعات فئوية نابعة من إحباط شخصي، على عموم الدين والمجتمع" مرجحا: "ثمة عوامل تاريخية، ذات ثبات واضح في حينه، ضببته المخيلة الجمعية، ناسبة عجزها الى بدع لا علاقة لها بدين ولا علم".
من عامة المجتمع قال السائق ابو محمد: "صفر من الاشهر النحسة، ونحن لانتفاءل به، وهناك دعاء خاص نقرأه 10 مرات في كل يوم من ايام صفر؛ كي نبعد الشر، وهذا المعتقد صحيح، ويحمل ادلة لدينا؛ لاننا توارثناه من اهلنا القدامى".
كما قال: "في آخر يوم من شهر صفر نجمع 3 اشياء زجاجية، والافضل ان تكون مفطورة مثل اناء او قدح او مزهرية، ونكسرها في وقت الغروب في اليوم الاخير ليذهب الشر مع هذا الشهر، مفصلا: "كسر الحاجة الاولى يعد سهواً، والثانية تعادل الخير والشر والثالثة طرد لطلعته". وأعلن الصائغ عادل احمد: "للاسف شهر صفر اصبح من الاشهر غير المرحب بها، لدينا نحن الصاغة؛ وكل ذلك بسبب معتقدات متخلفة خالية من الصحة والمصداقية في المجتمع، بنيت على حوادث تقع في كل وقت وزمان" ذاكراً: "الكثير من النساء لا تشتري الذهب في شهر صفر؛ لتوهمها انها سوف تصاب بلعنة او انها سوف تفقد هذا الذهب".وأكمل: "واحدة من الزبونات اخبرتني بانها لا تشتري الذهب في صفر؛ لانها مرة اشترت سوارا وانكسر بيدها وهي ترتديه؛ فايقنت ان هذا الشهر نحس، أما أنا فأعزوها لمصادفات وربما إيحاء نفسي.. تتوقع حالة فتقع".
أخبرتني الحاجة ام مثنى: "عندما كنا صغارا كانت والدتي تكسر شيئا من زجاج في اخر يوم من صفر، وتقول لنا تعالوا نودع صفر ونودع شره" متذكرة: "والدي اشترى لنا داراً وحينها كنا في شهر صفر، وعلينا الانتقال لكن امي رفضت ذلك وقالت لايصلح ان ننتقل الى دار جديدة في هذا الشهر النحس".