استعارة الحداثة

ثقافة 2019/07/29
...

  حسين رشيد 
كغيري افهم ان الثقافة بشكل عام تراكم معرفي متجدد ، خبرات إنسانية هائلة متنورة ومتجددة مستندة على ركائز فكرية، عملية ونظرية وجدلية، اجتماعية وفردية، جمالية وأخلاقية وفلسفية وتكوينية، لكن حينما يدور الحديث عن الثقافة العراقية فأننا أمام إشكالية تاريخية حقيقية اشكالية كبرى بكل زواياها، ربما بسبب العطل عن التواصل مع الثقافات الاخرى والمنافسة والوقوف امام حاجز المقدس وعدم وجود القدرة على تفكيكه وهذا بمثابة عجز قاهر لانتاج اي ثقافة كذلك ما دمنا نستعير الحداثة ولا نعمل على تشكيل حداثتنا وهذه المشكلة ربما تدوم ما دمنا على قطيعة معرفية مع تراثنا الحقيقي من جهة ومع منجزات الحداثة الإنسانية من جهة أخرى وما وصلت اليه في الفكر والفلسفة
 وعلم الجمال.  
هناك من يقول ان الثقافة العراقية معادة، أو تستنسخ نفسها بين فترة وأخرى أو بين حدث وآخر من دون ان نفكر بتاسيس ثقافة عراقية جديدة تساير المتغييرات بكل أنواعها وتنتج نمطا خاصا بها يستوعب الانعطافات التي تمر بها البلاد، ثقافة منتجة مبتكرة حداثوية وليست ثقافة مستنسخة متكئة على ما يصلها من نتاجات غزو العولمة والحداثة الغربية ولاضير من ذلك اذا تمت الاستفادة منهما او الاستعارة منهما وادخلاهما في مختبر ثقافي ياخذ بنظر الاعتبار عما ينتج من تلك الانعطافات بعين الفاحص والمدقق والمشخص 
والمعالج.  
لا يمكن إنتاج الثقافة بقرارات، فهي مشروع ذاتي اولا ثم جماعي اي اتفاق جماعة ممن يهتمون بالثقافة وقد يتحول الى مشروع مؤسسة او منظمة ثقافية وهكذا، وتراكم هذه المشاريع ربما سيؤدي إلى تغيير نوعي يدفع نحو ناصية ثقافية جديدة مغايرة لنمط الثقافة التي كانت سائدة او التي انهارت مع انهيار نظام الحكم المتحكم بتلك الثقافة وادلجتها وهنا ثمة اشكالية كبرى فالنظام الذي يحل بدلا عنه ينظر الى تلك الثقافة بعين مؤدلجة ياخذ منها ما يريد وما يتماشى معه ويترك الباقي مهملا بل قد يذهب ابعد من ذلك حين يعمل على اعادة ادلجة الثقافة وتدجينها في خانته الانتمائية والتي يجب ألا تكون ندا للسلطة او حتى تحاول ان تغير وتصلح ما خرب في الزمنين السابق والحالي مع حفظ الفرق بين كل زمن.
أن نؤسس لثقافة، فلا أعتقد أن الأمر إرادي فهي مهمة صعبة ومعقدة لكنها ليست مستحيلة نحتاج إلى نخبة ثقافية أصيلة وحقيقية منتجة معرفية جمالية معترضة يمكنها أن تحدث مثل هذا هكذا تغيير ينشد نحو تقدم مجتمعي واصلاح في شتى الصعد المشتركة ثقافيا. نخبة شجاعة تتصدى للنخب الاخرى المهدمة والتي هي أبعد ما تكون عن الثقافة بمعناها الإبداعي والجمالي والمهمشة لها، وتتصدى لمن يريد من المثقفين او العاميلن في الحقل الثقافي ان يبقي الثقافة على حالها وسكونها وتشظيها بل وانعزالها عن المجتمع والدولة، ومثل هؤلاء لايقلون خطرا عن  كل من يريد تهميش الثقافة وقلبها في ما يريده والذي يكفر ويحرم الفن ويرى المثقف بعين الند المهدد لسدود الجهل التي يشيده عبر
 ابتداع الخرافات.