د.سعد العبيدي
وإن كانت هذه الكلمة غير محببة لعموم العراقيين المتحضرين بعد أن ترك وقعها أرثاً سلبيا في نفوسهم من كثرة الاستخدام السيئ في المواقف المشينة، لكنها كلمة أو معنى هو الأكثر انطباقاً في مجال الاستخدام خلال هذه الفترة الزمنية من تاريخ البلاد، حيث التشكيل الحكومي لآخر حكومة أي حكومة السيد عادل عبد المهدي، التي لم تأخذ من الوقت سوى أيام لا يستطيع فيها أي رئيس حكومة أن يلملم أفكاره ويبدأ بتنفيذ خططه ومشاريعه التي اراد، هذا وبضوء هجمات بدت سريعة وقاسية احياناً على حكومة لم تشرع بعملها فعلياً بعد، يصبح من اللازم منطقياً اعطاءها فرصة مناسبة في أن تبدأ، لأن أي بداية في مجال السياسة والبناء بحاجة الى أشهر لتظهر تباشير رجعها أو مردودها، والفرصة المقصودة هنا هي العطوة بالعرف العشائري الذي يحكم كثيرا من تعاملات الافراد والجماعات.
صحيح أن تشكيل الحكومة لم يكن متطابقاً أو قريباً من سقف التطلعات الشعبية التي أرادها عموم العراقيين في تمردهم الأبيض على الحزبية ،التي أسهمت في جر البلاد الى حافات الهاوية سياسياً واقتصادياً وأمنياً، لكنها حكومة قد تشكلت بحكم الدستور واصبحت فاعلة، ولكي تعمل بالشكل الصحيح القادر على تغطية بعض التطلعات ،لابد أن تعطى فرصة، وأن تلقى دعماً شعبياً، وخير الدعم اللازم لها في الوقت الراهن هو اعطاؤها الفرصة في أن تبدأ عملها دون ضغوط التهديد والنقد المسبق، لأن هكذا ضغوط تكون من الناحية النفسية احياناً مثل السيوف المسلطة على الرقاب، إذ أن استلالها ووضعها على الرقاب لا يسمح بالتفكير العقلاني الصحيح، ولا يفضي الى حسن التحرك الحر... سيوفٌ تجعل المسؤول المعني وزيراً أو رئيساً تحت ضغط التقييد والسعي لارضاء البعض، وبداية هكذا إذا ما صارت فإنها سوف لا تكون نافعة لبناء البلاد واخراجها من دائرة المشاكل ،التي أحاطت بها من كل جانب لخمسة عشر عاماً ،نشأت خلالها أجيال وانتهت خلالها أجيال.
وصحيح أيضاً أن الوقت حرج وان العراقيين قد استنزفوا جل وقتهم في انتظار التصحيح وإعادة البناء بشكل صحيح والتخلص من الفاسدين والفساد بشكل جاد، وإعادة اقتصاد البلاد إلى الصواب، لكن كل هذا لا يحصل في الأيام الأولى لوزارة خرجت من بين ركام العمل الحزبي غير الصحيح، وصراع النفوذ بين الدول غير المحدود، وصحيح ان الشعب العراقي قد مل الانتظار الا ان المنطق الصحيح للسياسة والاجتماع هو اعطاء الفرصة لأشهر لا تقل عن الستة ستكون كافية لظهور الجدية والنوايا والقدرات، والا سنكون في هذا العراق المضطرب مثل ركاب سفينة تاهت وسط البحر المائج بسبب عطل في الأجهزة الملاحية، وبات ركابها يفتون في الملاحة، ويتدخلون في الاتجاهات ويبدلون كل يوم ملاح، يعيدهم الى وسط البحر بامواجه العالية من جديد.