مزدوجو الجنسية ما زالوا في سجون تركيا

قضايا عربية ودولية 2018/11/09
...

هولاي ماكاي/ترجمة: شيماء ميران
على الرغم من أنَّ إطلاق سراح القس الأميركي اندرو برونسون مؤخراً من سجن تركي يلقى ترحيبا داخل واشنطن، ما زال هناك 12 أميركيا خلف القضبان، وهذا ما يعدّه المسؤولون الاميركيون مشابها لأخذ رهائن سياسيين. فمن بين المحتجزين عالم الفيزياء في وكالة ناسا الفضائية الاميركية (الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء) سيركان كولجي التركي {بجنسية اميركية}، أدين العام الماضي بتهمة ارتباطه بمنظمة فتح الله غولن، الحليف السابق للرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
كولجي أتهم ايضا بالعمل مع وكالة المخابرات الاميركية وحكم عليه في شباط الماضي بالحبس سبعة سنوات ونصف السنة، وقد ثبتت براءته لاحقا من التورط بأي نشاط ارهابي أو مع السي آي أيه.
وفي مقابلة مع فوكس نيوز قالت كوبرا زوجة كولجي “جميعنا محبطون فهذا غباء”، وبقيت مع طفليها عالقين في تركيا لا يستطيعون العودة الى الولايات المتحدة.
 
اتهامات ملفقة 
تقول كوبرا إنّ التطور الايجابي الوحيد في القضية هو ما حدث خلال جلسة الاستماع الاخيرة عندما أسقطت عنه تهمة عضوية منظمة غولن، وقلل الحكم الى خمس سنوات بتهمة مساعدة المنظمة ماليا، لكن حتى هذه التهم رفضها مؤيّدو كولجي وقالوا بأنّها ملفقة. وأكدت كوبرا أن “الدليل الجديد هو أنّ العائلة تملك حسابا مصرفيا في مصرف آسيا الذي له آلاف الزبائن ومئات الفروع في عموم تركيا، وكانت السلطات التركية قد أغلقت هذا المصرف بعد عام 2015 لارتباطه بـمنظمة غولن”.
وتدّعي زوجة كولجي أنّ التهم وجهت لزوجها بعد قيام أحد أقاربهم بتقديم بلاغ للسلطات بسبب قضية ملكية لأرض تعود للأسرة، ورغم عدم وجود دليل لكن كولجي تمّ اتهامه وحبسه.
أما الدور الاميركي في قضية كولجي فهو معقّد أكثر من قضية برونسون، لأنّه يمتلك جنسية مزدوجة اميركية- تركية، والقانون لا يمنح لكولجي وغيره ممن يحملون الجنسيتين امتيازات المواطنة الاميركية اثناء تواجدهم في تركيا. تقول كوبرا إنّ ممثل السفارة الاميركية حضر جلسة الاستماع حديثا، ورغم أنّها لم تتلقَ أيّ خبر من وزارة الخارجية الاميركية منذ ذلك الوقت، لكن هناك شخصيات مؤثرة تهتم بقضية زوجها. 
فبعد أكثر من سنتين من قرار حكم قضائي خاطئ يعود القس اندرو برونسون سعيدا للولايات المتحدة، ويعلق عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري لولاية كاليفورنيا ورئيس لجنة الشؤون الخارجية الاميركية أدو درويس بأنّه يجب على تركيا اطلاق سراح البقية ومنهم عالم الناسا سيركان كولجي والعاملون في القنصلية 
الاميركية.
لجنة حقوق الانسان الدولية الخاصة بحقوق العلماء والأطباء والمهندسين الذين يتعرّضون للانتهاكات أعلنت أن مفوضيها أنّهم يعملون سراً على هذه القضايا.
نائب رئيس اللجنة التي تدافع عن كولجي ايضا يوجين تشودنوفيسكي يقول: “نجح الرئيس ترامب بإطلاق السجناء من كوريا الشمالية وعامل الإغاثة المصري، واشادت اللجنة بهذا النجاح، ونأمل أن تستمر الجهود لمتابعة قضايا المعتقلين مزدوجي الجنسية مثلما تمّ اطلاق القس برونسون”.
 
معاناة مزدوجي الجنسية
درس كولجي الاشعاع الفضائي في وكالة ناسا لجعله إشعاعا آمنا لروّاد الفضاء داخل المحطات الفضائية دعما لرحلة كوكب المريخ ووصف زملاؤه إسهاماته بالعالمية، لكنّها توقّفت مع احتجازه.
كما تتلهّف زميلته في جامعة نورفلوك أليسا هوفلير لإطلاق سراحه فتقول: “إنّ سيركان قدّم لأميركا لدراسة الفيزياء، ثم اختار أن يكون مواطنا اميركيا ويشارك بإسهاماته في مجال الفيزياء دعما لمساعي البحوث العلمية، وهو ملتزم عائليا، ومحافظ على القوانين، وليس سياسيا لكنّه واجه مع وعائلته معاناة كبيرة خلال سجنه ومحاكمته، وعلى الولايات المتحدة بذل جهدها لإطلاق سراحه، ليعود الى عمله لدعم جهود العلماء 
الاميركان”.
وإلى جانب كولجي، هناك قلق بشأن مزدوجي الجنسية، والاتراك العاملين مع الاميركان الذين يتم احتجازهم ايضا، وتحدث درويس عن ثلاثة موظفين اتراك محتجزين يعملون لدى السفارة الاميركية في أنقرة تمّ اعتقالهم مطلع العام الحالي ولا يزالون تحت الاقامة الجبريّة.
وهناك ايضا قضية بروفيسور الكيمياء البنسلفاني إسماعيل غول من جامعة ويندر الذي لا يستطيع العودة الى الولايات المتحدة رغم أنّه مواطن اميركي يعيش فيها منذ 25 عاما، وصادف تواجده في تركيا للتمتع بعطلته وقت حدوث الانقلاب الفاشل، واعتقل أثناء حملة الاعتقالات لفرض النظام واطلق سراحه مطلع العام الحالي لكنّه حتى الآن لا يستطيع مغادرة تركيا. 
ويقول غول: “عليهم أن لا ينسوا ما نعانيه هنا، وان لا يتركونا هنا أكثر من ذلك لأنّنا مواطنون أميركيون أيضا، أنا بريءٌ لقد قلبت حياتنا تماما، وبدأنا نفقد قوة ايماننا بالعدالة يوما بعد آخر”. 
يرى إيكان ايردماير من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أنّ أنقرة تتعامل مع مزدوجي الجنسية بشكل مختلف عن من يحملون الجنسية الاميركية فقط، لذا منعت الوصول الى سيركان كولجي، ويقول إنّ “أردوغان يقلل من ردة الفعل تجاه مزدوجي الجنسية بانتظار تنازلات أقل تتعلّق بقضاياهم، لأنّ تراجع الاهتمام الاميركي بالاعتقاد أن اردوغان ما زال يحتجز الرهائن بعد اطلاق سراح برونسون، سيصعب على البقية تلقي معاملة منصفة في المحاكم التركية كما سيشجع على احتجاز المزيد من الرهائن”.
 
خطوة اردوغان
أما كلايد فورسبرغ الاميركي الجنسية فيعد نفسه من المحظوظين حيث تمكن من مغادرة تركيا خلال وقت مبكر بعد اعتقاله مطلع آب 2016 بتهمة مساعدة وتحريض منظمة ارهابية. 
وقال: “خطوة أردوغان باستغلال اطلاق سراح برونسون هي للتملّق بزعم نزعته للخير والايثار، وعلينا أن لا ننسى إدانة وسجن برونسون الزائفة ومن ثمّ 
ترحيله”. 
وناشد الولايات المتحدة باستمرار ضغطها على تركيا لإطلاق سراح جميع الاميركان وتعويض خسارتهم”.
وطالب النائب الجمهوري ريتشارد هدسون أحد أعضاء لجنة هلسنكي الاميركية بتشديد الاجراءات لدعم كولجي وغيره من مزدوجي الجنسية المحتجزين. 
ويقول: “اتصلت هاتفيا بالرئيس ترامب لتأمين حرية القس اندرو برونسون، ومع ذلك يبقى القلق من استمرار الانتهاكات التركية لحقوق الانسان والاضطهاد الديني، فقد كان القس برونسون محتجزاً كرهينة سياسية ويجب إسقاط جميع التهم عنه”.
مصدر مقرّب جدا من قضية برونسون قال إنّ عائلة القس مبتهجة بعودته، لكنّهم لا يعرفون حقيقة خدعة السلطات التركية، فلم تتضح بعد كيفية تأمين اطلاق سراح من لا يزالون قيد الاحتجاز.
ويضيف المصدر نفسه في إشارة الى قصّة جمال خاشقجي “لم نقرأ مقالته في صحيفة الواشنطن بوست قبل وصوله اسطنبول وموته، وهذه الحادثة قد تكون أحد عوامل إطلاق سراح برونسون، فقد اتخذ الرئيس التركي اردوغان والقيادة التركية موقفا قويا في التحقيق حول الحادث الذي شكّل صدمة للمجتمع الدولي، وكان لمخاوف تركيا من ردة فعل الولايات المتحدة اقتصاديا دور مهم في اطلاق سراح برونسون، يأتي هذا في الوقت الذي تتعامل فيه تركيا بقوة مع السعودية بينما تخضع لضغوط اميركية، فهذه كانت حركة ذكيّة، لكن لو مرَّ الوقت طويلا سيتمُّ نسيان الآخرين ولن تذكرهم 
الاخبار”.
وزارة الخارجية الاميركية بدورها رفضت التصريح بشأن مأزق الاميركان الباقين، بينما كان المسؤولون يشددون باستمرار في تصريحاتهم السابقة “هذا الموضوع له أهمية قصوى وسنقوم بكلّ التدابير الدبلوماسية تجاه الاحتجاز والحكم غير العادل بحق المواطنين مزدوجي الجنسية”.
 
عن موقع فوكس نيوز الاميركي